يا ناصرة: تناسينا تعريف الحرية - سمر منصور- سماوي
أعتبر نفسي من نشيطي مستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، لذا فمن خلال تصفحي اليومي قرأت الكثير الكثير من الستاتوسات، جعلها أصحابها مفتوحة للقراءة أمام الجميع، مع اضافة ما يسمى في لغة الفيسبوك بالتاچ للعشرات للفت النظر اليها، حيث شملت، في طيّاتها كلمات حقد، كلمات نابية، مرارة انتقاد يُعبر عنه بطريقة قاسية وحتى تحوي تهديدًا.. وتبعتها تعليقات أسوء من ناحية المضمون والتعبير.. فأنا أومن أن الخطأ يجر خطأ أكبر..وكأن حرية الرأي، تسمح لك أن تكتب ما تشاء. فقد تعلمنا في كل مراحل دراستنا، أن الحرية هي أن تفعل ما تشاء من غير أن تتعدى على حرية غيرك، لكننا بدأنا نطبق الشق الأول من تعريف الحرية متناسيين الشق الآخر... الغير!
فما بالكم يا أهل الناصرة، التي اعتبرها بلدتي أيضًا، ما الذي جرى خلال المعركة الانتخابية، الانتخابات وحتى اليوم؟ تجرحون وتستخدمون كلمات لم نجرأ يومًا حتى التفكير بها، لكننا اليوم نكتبها بجهارة، نطعن بها جارنا، زميلنا... ابن بلدتنا، لأنه يختلف عني بالرأي. هل هذا مفهوم الديموقراطية؟ فبدل أن تكون الانتخابات وسيلة لتقدم مصالحنا، أمست كابوسًا مؤلمًا.. يصعب الإستيقاظ منه.
إن احدى الظواهر التي لاحظتها هي أن جزءًا من الناس، لم يجرأ يومًا بالتعبير عن ما لا يعجبه، واليوم بعد أن تفجرت المشاعر، أصبح ما لم يقل في الماضي، رغم أنه كان موجودًا، يُعبّر عنه بقسوة ومرارة، لأننا لم نتحاور قبلاً، ولم تحل بعض قضايا البلد من جذورها.. فبدأ المخفي يظهر بشكل مسيء، لأننا لم نتعلم الحوار من غير أن يظن السوء أحد الأطراف بنية الآخر!
"انا هو الآخر، والآخر هو أنا"... مشروع جميل يطبق في المدارس، لكنه لا يطبق في حاراتنا، في منصات التعبير المختلفة، في مختلف الطرق التكنولوجية وغيرها. راقني أيضاً مشروع " صرخة بلد، بيكفي عنف" ، يدعو له كشافة يسوع الناصري للروم الأورثوذكس في الناصرة، ومن منبري هذا أشد على أياديكم، وأناشدكم على التشديد على المناهضة بالعنف الكلامي، الذي أصبح الدافع الأساسي والمحرك للعنف الجسدي.
يمكن للكلمة أن تبقى تعبيرًا له وقعه، تغير وتصنع فرقًا، الى أن تتعدى خطوطًا حمراء فتصبح سكينًا يجرح، يهين، وأحيانًا يقتل. فكثيراً مما قرأت جعلني أدعو الله ليحمي البلد، ليحمي أولادنا، ليحمي مستقبل أولادنا.
غداً أو بعده، ستنتهي القضية وننسى، لكن سيذكرنا التاريخ، بأننا شوهنا صورة بلد البشارة، تقاتلنا على خدمة البلد، بدل أن نتصالح لخدمة البلد.. لنشابك العقول والأيدي رغم فروقاتنا، لنرتقي بمدينة عصرية، تستطيع أن تقدم لأولادنا الأمان وفرص العمل.