مشاركة فيديوهات ومقالات بالعربية

نسمات ميلادية (3) - صوم بشارة السيدة العذراء في الإنجيل والقرآن - جاسر الياس داود

0.00 - (0 تقييمات)
نشرت
814
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

نسمات ميلادية (3) - صوم بشارة السيدة العذراء في الإنجيل والقرآن  - جاسر الياس داود

 

الرب أعطى لمؤمنيه علامات كثيرة تدلّ على أشياء من وراء ظهورها والعمل بحسبها،ومن هذه العلامات علامة الصوم وعلامة الرؤيا في المنام.

فالصوم عند المسيحيين هو العبور من الظلمة الى نور الفصح الى القيامة القاهرة للموت.                                                                                                  

أيوب عندما جرّبه الشيطان ودبَّ فيه المرض والآلام،صام عن الكلام مع أصحابه الذين جاؤوا اليه،عندما سمعوا عن مرضه،وهم:"أليفارُ التّيمانيُّ وبِلْدَدُ الشُّوحيُّ وصوفرُ النعمانيُّ،وتواعدوا أن يأتوا ليرثوا له ويعزُّوه...وقعدوا معه على الأرضِ سبعة أيامٍ وسبعَ ليالٍ ولم يُكَلِّمْهُ أحدٌ بكلمةٍ لأنهم رأوْا أنَّ كآبتهُ كانت عظيمةً جداً."(أيوب،الإصحاح الثاني،ألأعداد 11-13)

 أما زكريا فقد صام عن الكلام بحسب إرادة الربّ،إذ ذكر الإنجيل المقدّس زكريا بقوله:"كان في أيام هيرودُسَ ملك اليهودية كاهنٌ اسمهُ زكريا...وامرأته ...واسمها اليصابات. وكانا كلاهما بارَّيْنِ أمامَ الله...ولم يكن لهما ولدٌ إذ كانت اليصابات عاقراً وكانا كلاهما متقدمين في أيامهما.فبينما هو يكهِّنُ...فظهر له ملاك الربِّ...فقال له الملاك لا تخَفْ يا زكريا لأنَّ طلبتكَ قد سُمِعَتْ وامرأتك اليصابات ستلدُ لكَ ابناً وتسميهِ يوحنَّا."(إنجيل لوقا،الإصحاح الأول،الأعداد 5-13)                        

يستمر الإنجيل بالتحدث عن زكريا :" فقال زكريا للملاك كيف أعلمُ هذا لأني شيخٌ وامرأتي متقدمة في أيامها.فأجاب الملاكُ وقالَ له أنا جبرائيل الواقفُ قدّامَ اللهِ وأرسِلْتُ لأكلمَكَ وأبشرَكَ بهذا.وها أنتَ تكونُ صامتاً ولا تقدرُ أنْ تتكلّمَ الى اليومِ الذي يكونُ فيهِ هذا لأنكَ لم تُصَدِّقْ كلامي الذي سَيَتِمُّ في وقتهِ.(إنجيل لوقا،الإصحاح الأول،الأعداد 18-20).                                                                           

إذاً صوم زكريا هنا كان علامة لولادة ابنه يوحنا، الذي بشَّرَ بمجيء يسوع المسيح ابن مريم العذراء.فقد ذكر القرآن الكريم قصة زكريا وصومه عن الكلام:" يا زكريا إنّا نُبَشِّرَكَ بغُلامٍ اسمهُ يحيى لم نجعلْ لهُ من قبلُ سَمِيّاً...قالَ ربِّي إجعلْ لي آيةً قالَ آيتُكَ ألاّ تُكَلِّمَ الناسَ ثلث ليالٍ سَوِياً."(سورة مريم،الآيات 7-11).وفي سورة آل عمران،الآيات (38-41) وفي سورة الأنبياء،الآيات ( 89-90) أيضاً ذكر لهذه القصة.                                                                                           

أما أمنا حواء الجديدة سيدتنا مريم العذراء،فقد جَلستْ تراقب أحداث الميلاد،وتُفكّرُ في قلبها صامتةً متأملةً بما يدور من حولها.لو تكلَّمَتْ هذه العذراء النقية،لأَفصحَتْ أنها أول خزانة للقربان مصنوعة بيَدِ الله لا بيَدِ البشر.لو تكلَّمَتْ حواء الثانية حواء الجديدة أمنا والدة الإله مريم العذراء النقية،لقالتْ كما جاء في حزقيال من العهد القديم،الإصحاح الرابع والأربعون،العدد الثاني:"فقالَ ليَ الربُّ هذا الباب يكونُ مُغلقاً لا يُفْتَحُ ولا يدخلُ منهُ انسانٌ لأنَّ الربَّ إلهُ اسرائيل دخلَ منهُ ويكونُ مُغلقاً."

لقد بشَّرَ الملاك جبرائيل سيدتنا مريم العذراء بالحبل من الروح القدس،لكنها لم تتكلم ولم تتفوَّه بكلمة أو بشيء! فهلْ عَلِمَتْ بقوة ربانية أن الكتاب المقدس قد عوَّضَها بدل الكلام صمتاً مقدساً؟! فقد وصفها وتحدّث عنها بما يجعل كل فم يصمت بل ويتعجب منها. لقد صمتَتْ في الوقت الذي فيه كانت يجب أن تتكلم،لكنها عاينتْ عجائب الميلاد،وعَلّمَتْنا كيف يكون الصمت مقدساً كل التقديس،وأبلغ من كل كلام بشري لا يستطيع التعبير عن مجد الله الذي عاينته منذ بشارتها.                                    هذه الفضائل كلها تفكَّرَتْ بمراحم الله ولم تتكلَّمْ،فكانت معلمة الصمت المقدس الأولى،فلم يسبقها أحدٌ في صمتها المتواضع.                                                      

يذكر القرآن الكريم في سورة مريم الآية (26):" فَكُلي واشربي وقِرِّي عيناً فإما تَرَيْنَ من البشرِ أحداً فقولي إني نذرتُ للرحمنِ صوماً فَلَنْ أكَلِّمَ اليومَ إنسيّاً."     ولمّا عادت الى قومها تحمل يسوع المسيح بين ذراعيها،تعجَّبَ أبناء قومها وقالوا :"يا أخت هارونَ ما كانَ أبوكِ امرأ سوءٍ وما كانتْ أمُّكِ بَغِيّاً.فأشارت إليه قالوا كيفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ في المهدِ صبياً."(سورة مريم،الآيات 28-29).                            هنا صامت سيدتنا مريم العذراء عن الكلام،فأشارت بيدها الى المولود حديثاً يسوع المسيح، وهو تكلّم بما كانت تريد أن تتكلم به لو لم تكن صائمة.                                         إذاً صوم سيدتنا مريم العذراء كان في فترة حملها وما بعد الولادة كي تكون آية للآخرين.

                                                           عبلين 11/12/2011م

814
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

جاري التحميل