اخي الحبيب الخوري منير - في الذكرى الثامنة لرحيلك - الدكتور ايلي منصور
اخي الحبيب الخوري منير
في الذكرى الثامنة لرحيلك
اسمح لي اخي الحبيب ان اخرج هذه السنة عن عادتي في الكتابة اليك في يوم ذكراك , فلن اكتب لك رثاء ولا ذكريات جمعت بيننا ,
. وبالرغم من شدة اشتياقي وحنيني اليك لن اكتب لا عواطف ولا احاسيس
,الايام تمر اخي الحبيب لكنك تبقى في عقولنا وقلوبنا كاننا فقدناك في الامس . فاقوالك الصادقة واعمالك الطيبة ترافقنا يوميا , تشفع فينا اخي الحبيب فصلوات الصديقين امثالك لا بد وان تستجاب.
انا اعرف جيدا اخي ان اخبار ابر ىشيتنا تعني لك الكثير لانك كنت الكاهن الامين الصادق وغيرتك على مصلحتها ووحدتها هي التي قتلتك . وللاسف الشديد الاخبار هي هي لم تتغير بل قل انها ما زالت تسير من سيئ الى اسوء , لذلك ارسل لك هذا المقال الذي كتبته عام 2007 اي بعد سنة ونيف من تعيين المطران الحالي , والذي نشر في حينه في عدة صحف ومواقع الكترونية.
ابرشية الجليل إلى اين؟
كيف كانت البداية؟
إن بلادنا بلاد مباركة ومقدسة لانها كما تعلمون أنعم الله تعالى عليها لتكون مهد الوحي الالهي وتاريخ الخلاص. وفيها ولد السيد المسيح وأتخذ له مسكنا، وجال هذه الارض بطولها وعرضها ليعلم الناس ويهدي لخلاص النفوس، وقمة ما جاء به من تعاليم كان عن المحبة وخاصة محبة الاخر. وظل السيد المسيح يعلم هذه التعاليم حتى دقائق حياته الاخيرة عندما إنتهت حياته الارضيه على الصليب مظهراً سر موته وقيامتة الذي به صالح البشر مع الله والبشر فيما بينهم.
وبعد قيامة المسيح حل الروح القدس كما هو معروف في الايمان المسيحي على تلاميذه وذهبوا يبشرون في كل مكان بالله وبدين المسيح، وهكذا نشأت في أرضنا المقدسة أولى الكنائس المسيحية التي وصفها كتاب أعمال الرسل بأنها كانت نشيطة ومكافحة "على تعليم الرسل والمشاركة وكسر الخبز والصلاة" (أعمال الرسل 42:2).
إذا كانت كنيسة المسيح ألاولى كنيسة مجتهدة، مواظبة تبشر بتعاليم المسيح وتدعو للمشاركة وتصلي من أجل محبة ألاخر، وتقدم القرابين بكسر الخبزمن أجل خلاص النفوس جميعها ومن أجل السعادة والسلام لكافة للبشر.ات
نعم جذابة ومشوقة جداً كانت هذه الكنيسة، وهي التي بها أمنا ولها إلتزمنا وأطعنا، ورسلها الاوائل قدسنا وعبدنا لما حملوا من إيمان وعفوية وبشروا بصدق وشفافية وعاشوا حياة العفة والتواضع ومحبة ألاخر والعمل المتفاني من اجل الجميع.
وهكذا مرت هذه الكنيسة على مدى ألازمان وتعرضت للكثير من المنعطفات والتقلبات، منها التاريخية ومنها ألاجتماعية والتي زعزعت كيانها ووجودها في بعض الاوقات، ولكنها بايمانها القوي إستطاعت بالرغم من كل هذه ألازمات أن تصل إلى يومنا الحاضر وبالرغم من كل ما تحمل كنيسة اليوم والقائمين عليها من اختلافات ومميزات وملامح تفرقها وتبعدها عن كنيسة المسيح الاولى.
كنيسة اليوم
كلكم يعلم أن كنيسة اليوم في بلادنا مقسمة إلى عدة طوائف وأبرشيات. وسأخص هنا بالذكر ابرشية الجليل للروم الكاثوليك (ويا لفرحتي وسعادة حظي أن أكون فرداً منها) والتي تألف مع باقي الابرشيات ما يسمى بكنيسة المسيح في بلادنا اليوم، طبعاً لن اقارن هنا بين كنيسة المسيح الاولى وتلاميذه ورسله وبين كنيسة اليوم- ابرشية اليوم- (وشتان ما بين ألاثنتين).لان فعل من هذا السبيل سيكون بمثابة كفر والحاد وتطاول سافر على كنيسة المسيح الاولى بكل ما حملت من مزايا حسنة ومحبة أخوية ومشاركة فعلية ونوايا صالحة وأعمال ظاهرة وشفافة على العكس تماماً مما هو حال أبرشيتنا اليوم وحال رؤسائها وأغلبية كهنتها، لذلك فلن يسامحني الله إذا قارنت بين ماضي كنيستنا وحاضرها، وكل ما سأحاول فعله هنا التحدث عن وضع أبرشيتنا الحالي الخطير وإنعكاسات هذا الوضع على حاضر أبرشيتنا ومستقبلها وعن طرح بعض ألافكار للنقاش لدى المعنين ربما، وذلك كله من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه بعد، ولاجل النهوض من جديد بأبرشية وكنيسة تخدم وترعى وتحترم أتباعها، الامر الذي من شأنه أن يعود على صالح أبرشيتنا وتقدمها والرفع من شأنها، ومحاولة حالمة ومتواضعة لكن جدية لارجاع كنيستنا وابرشيتنا ولو في بعض الامور إلى توازنها وصوابها الطبيعي والاصلي كما كانت في بداية الطريق.
أوضاعنا اليوم
لا يخف على أحد منكم أننا عانينا في هذه ألابرشية بما فيه الكفاية من صراعات داخلية وتصفية حسابات داخل مطرانيتنا، كما وأن عواصف عاتية لا عدد لها ضربت (وما زالت) تضرب هذا الابرشية منذ عقود مرت، وجميعنا وعلى رأسنا مطراننا المبجل وكهنته يدركون جيداً أسباب وجذور هذه المعاناة والمحن التي حلت بنا والتي ما زالت كما قلت تلقي بظلالها علينا اليوم أيضاً، وبالتالي تعكر صفو إيماننا المسيحي وإنتمائنا الديني وتزجنا جميعاً في متاهات (بل قل تفاهات) بعيدة كل البعد عن تعاليم السيد المسيح، وتزيد الفرقة والغربة في ما بيننا وتدخلنا عن سابق قصد وإصرار إلى سراديب وأنفاق مظلمة لنضيع ونتوه أكثر وأكثر، لكي تبقى زعامتنا الدينية وكهنتنا يصلون ويجولون حسب رغباتهم وأطماعهم الشخصية البعيدة كل البعد عن كل ما وعدوا به المسيح وأبناء ابرشيتهم بصنعه وفعله بمحبة وتفاني وتجذير تعاليم الكنيسة عند تلقيهم سر الكهنوت المقدس.
"العهد الجديد"
جميعنا يعرف انه بعد مخاض عسير وإنتظار طويل دام عشرات السنين شاءت العناية الالهية أن تمنحنا ما كنا نصبو اليه ونصلي لاجله نحن أبناء أبرشية الجليل ما تمنيناه منذ وقت طويل، ألا وهو تعيين مطران أصيل لهذه الابرشية العزيزة يكون واحداً منا, غيوراً بانتمائه وشعوره راقياً بعقله وعقليته وبصيرته، إبن هذه الارض المقدسة، لا مطراناً "مستورداً " لا يفهمنا ولا يعيش حياتنا وأوضاعنا بكل ما تحمل من مشاكل وغلابات يومية دينية كانت أو حياتية وإجتماعية. وهكذا كما قلت أكرمتنا العناية الالهية بعد عقود طويلة من الزمن بمطران يرأسنا إبن هذه البلاد يعرف مشاكلنا معرفة جيدة وبإستطاعته لو شاء أن يعيش معنا ألامنا واْفراحنا، والبرهان الاكبر على ذلك تلك الفرحة الكبيرة جداً التي عمت معظم الابرشية عندما أعلن عن إنتخاب المطران الجديد ، وحينها أبدى القسم الاكبر من أبناء الابرشية إستعداده التام. وبعد مراجعة جديه للامور وطي صفحات الماضي وفتح صفحة جديدة في نوعية ومدى العلاقات التي كانت تربطه مع كل ما يمت بالكنيسة والابرشية ومطرانها وكهنتها بصلة، واضعاً جنباً كل الخلافات والاختلافات التي كانت قائمة بينه وبين المطرانيه وأعلن إستعداده محو كل الاراء المسبقة والتجارب المريرة التي عاشها مع من كانوا على رأس الابرشية وأعلن أيضاً التزامه التام على مساندة ومساعدة المطران الجديد في مسيرته الجديدة، وأنا شخصياً قلت في حينه للمطران (في كتاب أرسلته لسيادته) أن مسئوليته الان تضاعفت اضعافا كثيره اكثر مما يمكن أن يتصور لان كونه إبن هذه البلاد ومعرفته التامة بجميع شئون ومشاكل هذه الابرشية يُكون فرصة تاريخية للاصلاح والعمل البناء ولذلك فأن الامال والاماني كبيرة وكثيرة وتستوجب من سيادته العمل والنشاط نهاراً وليلاً بما فيه من مصلحة الابرشية وخير أبناءها، لاننا -والله العالم- لقد سئمنا ومللنا طرق العمل الماضية وأرهقتنا سياسة "مكانك عد" (لا بل قل: للوراء سر) داخل الابرشية ومؤسساتها أو أيضاً مصلحة فلان أهم بكثير من مصلحة أخر "وإرضاء" هذا الكاهن أهم بكثير من "إرضاء" رعية أو أبرشية بكاملها هذا عدا عن كل الخروقات والتلاعبات وما كان يحصل من "إختفاء" وإختلاس الملايين من الدولارات من مؤسسات الطائفة والتفريط بممتلكات الابرشية واملاكها.
وقد أبلغنا سيادة المطران الجديد في حينه مرة تلو الاخرى بأننا على إستعداد تام للتعاون معه على مسح عادات وتصرفات عنجهية وسخيفة صدرت في الماضي وما زالت تصدر عن دار المطرانية، والتي كما سبق وقلنا أنها أرهقتنا جميعاً وأتعست حياتنا، وكفانا ما عانيناه لعقود طويله من "الاستبداد" "والدكتاتورية والعبثية" والتي خلالها تساقط العديد منا وإبتعد الاخر وخاصة الشباب والاكاديمين من أبناء هذه الابرشية عن الكنيسة وعن المطران وعن رجال الدين وقلنا لسيادة المطران بدون مبالغة أو مواربة: "أنك تمثل الفرصه الاخيره (الورقة الاخيرة) لاصلاح وتوحيد هذه الابرشية المقسمة والمشرذمة، وإعادة العديد من أبنائها الذين إبتعدوا عنها إلى مكانهم السليم، وإذا -لا سمح الله- لم يحدث هذا في عهدك فأنه من الصعب وربما من المستحيل أن يحدث في المستقبل وعندها سنعيش سنين كثيرة اخرى من الضياع ونسيان الذات والهوية، الامر الذي من شأنه أن ينعكس سلباً على إنتمائنا الديني وحتى الوطني" .وكان رجاؤنا لسيادته أن لا يجعل أمالنا أوهاماً وطلباتنا سجلات فقط, كما فعل من سبقه لان مستقبل طائفتنا وأبنائها بين يديه.
كهنة ألابرشية
معلوم لدى الجميع أننا نعيش اليوم في عالم تعمه الثورة العلمية والمعلوماتية وتطغى عليه المعرفة التكنولوجية وتكنولوجية المعرفة، الامر الذي ينعكس على البشرية جمعاء فيزيد من وعي الفرد وإدراكه للعديد من الامور والمواضيع التي لم يتسنى له معرفتها من قبل. ومن هذا المنطلق نرى أن مواجهة أمور الحياة اليومية أصبحت اكثر تركيباً وتعقيداً ومن لا يواكب هذا التطور ويسعى اكثر للعلم والمعرفة فهو في خطر إجتماعي مصيري.
وعودة على كهنة الابرشية ، وارجو المعذرهً إذ ظن البعض منهم أو إعتقد أنه المقصود بصورة شخصيه (هذا مع العلم أنني لن أتي على ذكر أسماء أو اشخاص) ولكن لا بأس لنترك هذا لتفكير وتحليل وضمير كل واحد منهم، لذلك ليغضب من سيغضب ويفرح من سيفرح.
ففي الابرشية اليوم حوالي ما يقارب 25 كاهناً منهم المتزوج (وهو يشكل القسم ألاكبر) ومنهم الغير متزوج. أما عن المستوى الثقافي والعلمي (ولا أقصد هنا من حمل شهاده أو ورقة جامعية) للبعض منهم فحدث ولا حرج ، حيث تجد قسماً لا باس به منهم لا يحمل أية ثقافة علمية أو إجتماعية (وفي كثير من الاحيان دينية أيضاً) ولذلك إذا أمعنا النظر جيداً نرى أن هذا القسم بعيد أو بالاحرى مبتور عن واقع مجتمع اليوم وما يحمل في طياته من قضايا مركبة ومعقدة وأمور بحاجة دائمة لتجديد وتحديث معرفتة وثقافتة ليكون على الاقل على مستوى معرفة وثقافة الغير، ولكي يستطيع ان يصمد في وجه تحديات وعواصف مجتمعنا الحالي، فهكذا نرى ان عدد لا باس به من الكهنة قد تحول إلى "شبه موظف" في الكنيسة وداخل رعيتة (إذا كان له رعية أصلاً) او إلى "تاجر" أو لنقل "بائع أسرار" ينتظر عماداً هنا ليجبي ثمنه أو عرساً هناك لاخذ أجره، أو حتى مأتماً ليتلقى ما تيسر له. وألانكى من ذلك فأن البعض من الكهنة (ومنهم من كانوا ذائعي "الصيت والشهرة" على مدى العقود الاخيرة – وما زالوا- والذين تشهد لهم البروتوكولات الخاصة بالمطرانية وحتى حاضرة الفاتيكان على سلوكهم وتصرفاتهم "المبجلة" "والمحترمة") فهولاء نجدهم قد نصبوا أنفسهم اسياداً على رعايانا. وفي المطرانية وما حولها زمرة من العلمانين المنتهزين والمنتفعين الحاقدين، يفعلون ما يشاؤون ومتى يريدون، لا يأبهون لاْحد، فلا سلطة هناك تراقبهم ولا قانون يحكمهم، وكأن الرعية والابرشية التي "يعملون" بها ملك شخصي لهم ولعائلاتهم أو إرث ورثوه عن أبائهم وأجدادهم، ونسى البعض منهم مهامه الدينية الاصلية التي من أجلها أصبح كاهناً وفقد صوابه وتوازنه الاجتماعي والديني المطلوب، حتى أن وصل به الامر إلى نسيان كيفية رسم إشارة الصليب، وأصبحت المطاعم الفاخرة والولائم الفخمة المكان الوحيد الذي يكسرون به الخبز ويشربون النبيذ.
القول الفصل
والسؤال المطروح هنا على سيادة المطران والكهنة المقربين له والمشاركين بوضع القرار معه.
ماذا تغير أو ماذا غيرتم خلال السنة والنيف الاخيرة منذ إستلام منصبكم الجديد، بعد أن رحل عنا دون رجعة سيء الذكر المدبر(أسف المدمر) جورج حداد، (هذا مع العلم وللموضعية أنني أعترف بأن فترة سنه ليست كافيه لاحداث تغيرات وإصلاحات جذرية) لكن على الاقل أين هي براعم التغير وشرارة الاصلاح، وأين هو أو ما هو سلم أولويات عملكم للتغيير والاصلاح؟ وأقولها هنا بمرارة وحزن شديدين: إن أمالنا وأمانينا التي ابديناها لم تكن من الواضح بمكانها في حينه وقد انقلبت من غيوم بيضاء في يوم جميل مشمس إلى غيوم شاحبة سوداء، فالجواب الظاهر للعين لدى الجميع أن لا شيء جديد قد حصل، بل على العكس إن أمور الابرشية اخذة بالتدهور في المدة الاخيرة وسائرة باستمرار من السيء إلى الاسوء.
وعدنا مرة أخرى لرؤية نفس المسلسل من جديد لكن مع تغير بعض أبطاله وممثليه (أما الاخراج والانتاج فبقيا كما في النسخ السابقه).
لا شك أبداً يا سيادة المطران أنك ما زلت تذكر جيداً كلامك في عظة قداس سيامة سيادتكم المتلفز والقداس الاول لك في حيفا بعد أيام من السيامة(المتلفز أيضاً – وكم انت عاشق للقداديس المتلفزه ولقرع الطبول-) حين قمت بتوزيع باقات الوعود الوردية والمستقبل الزاهر ملتزماً وقاطعاً العهد على نفسك أن تمارس طريقة إدارة جديدة داخل المطرانية راقية واقعية وعصرية ومتفهمة أكثر لجمهور أتباعها، وكررت الكلام عن العمل الجدي والنشاط الدائم من أجل أبرشية أفضل نفاخر بها وبرجالها لكن والاسف الشديد كما نرى ونشعر أنه من الواضح أن هذه الوعود والعهود لم تتعد كونها ضرائب كلامية للاعلام والصحافة فقط، لا بل لم تكن سوى عبارة عن "شيكات" أتضح لاحقا أن لا رصيد لها لانه والله يشهد أن شيكاً واحداً لم يصرف منها حتى الان (هذا مع المعذرة من سيادتكم بأننا عالمون ومدركون أنك نعم تملك الشيكات من نوع أخر والتي بالفعل لها رصيد كبير وضخم وهذا إستناداً لما قد صرح سيادتك في الصحف عندما قلت بأنك قمت بترميم دار المطرانية في حيفا من حسابك الشخصي!!) .
أتذكر أيضاً يا سيادة المطران أنك قلت بأن أبواب المطرانية ومؤسساتها ستكون دائماً مفتوحة ومشرعة على مصراعيها لجميع ابناء الابرشية "فالمطرانية لكم جميعاً وليس للمطران والكهنة وتستطيعون دخولها متى ترغبون وتشائون لملاقاة مطرانها أو أي رجل دين أخر". وبالفعل الكل يشهد أنكم قد حققتم وعدكم هذا لان ابواب المطرانية لم تقفل أبداً في السنة الماضية وكانت دائماً مفتوحة ، لكن وللاسف الشدبد لقد كان من ضروب المستحيلات لقاء المطران داخلها والكلام معه لان سيادتك لم يتواجد تقريباً بالمرة داخل المطرانية وكنت دائماً "مشغولاً" في أمور اخرى خارجها وحتى خارج بيتك في عبلين، هذه الامور التي لا نعرف إن كانت تمت أصلاً لعمل المطرانية والابرشية بصلة. لذلك فما نفع مطرانية مفتوحة أبوابها دون مطران بداخلها وهذا يشبه أمر ذلك ألانسان الذي كان دائماً يدعى بحرارة إلى زيارة بيت ما وحين كان يفعل وجد أن صاحب البيت لا يتواجد به ابدأً.
هذا من جهة ومن جهة ثانية يظهر يا سيادة المطران أنك تنسى بأنك أنتخبت مطراناً على أبرشية الجليل من قبل السينودوس وتعتقد انك عينت لتكون سفيراً أو مبعوثاً دولياً لتمثل السينودوس والابرشية في مختلف اقطار العالم، وانا هنا لن أطلب أي سبب أو تفسير لكثرة رحلاتك وسفرك الدائم خارج البلاد (لانني أحاول أن أقنع نفسي أن جميعها جاءت لاسباب تخص بالطبع "مصلحة أبرشيتنا العزيزة" ومتسائلاً ماذا يمكن أن تكون لانسان مثلك وفي موقعك الرفيع والسلطوي الذي وهبك الله إياه من مصالح وطموحات شخصية تجعل منك أكثر مما هو أنت اليوم عليه، فها أنت قد نلت ما أردته وتمنيته دائماً وأصبحت مطراناً على ابرشية الجليل والحمد لله).
لكن لا باس سافر متى وأينما تشاء يا سيادة المطران ولكن كما يقول المثل الشعبي "مرة لنا ومرة لك" يعني على الاقل أسبوع في البلاد وأسبوعاً خارجها وأستحلفك الله بان تجعل من اسبوع التواجد داخل البلاد، أسبوعاً لاعمال المطرانية وللوقوف على مشاكلها، ومشاكل الابرشية التي لا تحصى ولا تعد والحمدلله، ولمراقبة الاعمال "الفاضلة" لكل من هو من حولك داخل المطرانية من رجال دين أو موظفين، وأن لا تقضي معظم وقتك للسفرات الداخليه من قرية إلى مدينه لتبادل الهدايا والصواني النحاسية والتكريمات الشخصية والعمل المضني واللهاث على إظهار هذه المناسبات في الصحافة وغيرها،لاننا نعيد ونكرر اننا اردنا مطراناً منا ومن بلادنا يفهمنا ويعي مشاكلنا ويعيش ألامنا واوجاعنا دينية كانت أو إجتماعية او حتى إقتصادية.
"مين أبدى موسى ولا ربو"؟
هذا ما يقوله المثل القروي متسائلا: من ألاهم موسى النبي أو رب موسى- أي الله؟ وكلنا يعرف الجواب، لكن الشيء بالشيء يذكر فكما قلنا أنك تخلط بين حقيقة إنتخابك مطراناً علينا وليس سفيراً أو مبعوثاً دولياً، فكذلك أيضاً الامر حيث أنك لم تذوت حتى اليوم وضعك الجديد وكونك مطراناً وليس بعد مدير ما يسمى "مؤسسات مار الياس" وما زلت حتى اليوم تخلط بين الامرين وبين الموقعين فتضع في أغلب الاحيان أمور مؤسسات مار الياس فوق امور المطرانية، وتنسى أن مؤسسات مار الياس هي من مؤسسات المطرانية. واعمال المطرانية يجب أن تضم داخلها أعمال وأمور هذه المؤسسات ، أنا لا أخالفك وأقول أن مؤسسات مار الياس عزيزة جداً عليك لكونك مؤسسها وراعيها منذ عدة عقود وتعتبرها مفخرة لك وقمة عملك التربوي ولا بأس بهذا، أما أن تجعلها فوق المطرانية وباقي مؤسساتها وفوق كل أمور الابرشية فهذا امر لا يحتمل، وبقائك على رأس هذه المؤسسات حتى اليوم وتسيير أمورها حتى البسيطة واليومية لها من قبلك دون إختيار أحد رجال أو أساتذة أبرشيتنا العزيزة المختصون (وهم كثيرون والحمدلله) لادارة هذه المؤسسات لكي يتاح لك المزيد من الوقت للانشغال بأمور المطرنية والطائفة عامة فهذا أيضاً أمر لا يطاق ولا يقبله عاقل وعجبي ما القصد من وراء كل هذا.
نعم يا سيادة المطران الابرشية بحاجة دائمة إلى مؤسسات تربوية وإجتماعية جديدة كثيرة (ولحك ذاكرتك فقط ، فقد عرض عليك برنامج إجتماعي صحي قبل عدة شهور ولكن حتى اليوم لم يتفضل سيادتكم بالرد ولو شفهياً في هذا الامر!!) لكن حاجتنا الماسه اليوم هي بناء الانسان، لانك تعرف جيداً إن الانسان حبن يغلب عليه الايمان الصحيح والسلوك الطيب يستطيع عندها المساعدة والمشاركة التي علمنا إياها السيد المسيح. ومع هذا لن أقول لك "بناء البشر وليس بناء الحجر" لكن سأقول نعم لبناء البشر وبناء الحجر معاً وسوية شرط إذا أمنا وعرفنا كيف نتعامل مع طاقات وقدرات ابناء الابرشية الدفينة والتي بحاجة لرجال صديقين واقوياء يخافون الله ويلبون مشيئتة لسبر غورها وتحريكها.
سيدي المطران هذا غيض من فيض ولا مجال هنا لذكر كل النقاط والامور البائسة التي تدور في أبرشيتنا لان هذا الشيء يحتاج إلى عشرات بل مئات الصفحات ودعني هنا قبل أن أنهي كتابي ولكي لا أتهم بعدم الموضوعية والشفافية أن أعطي العديد من كهنة الابرشية حقهم وخاصة القسم المقرب من المطرانية، ومن هذا المنطلق أقول هنيئاً لك اليوم على هذه "الثلة" من الكهنة التي وضعتها من حولك (او ربما ستقول أنك ورثتها عن من سبقك) وهي نفسها التي صالت وجالت داخل المطرانية خلال العقد الاخير، مدعيةً بتباهي وعنجهية بانها هي صانعة المطارنة وخالعتها متى تشاء ، هذه "الثلة" "المولعة" "والعاشقه" للاعمال الصالحة والتي تملك هوايات لا تتغير ولا تتبدل أبدأً بحيث تمارسها بجد ونشاط ومن أهمها واحبها على قلوبها هواية نبش الماضي ومحاسبة من هم في القبور، والاخرى تصفية حسابات شخصية مع باقي الكهنة أو مع قسم كبير من أبناء الابرشية الصالحين الذين لزموا الصمت لسنين طويلة وذلك خوفاً وحرصاً منهم على مصلحة الابرشيه ومستقبلها.
هذه الثلة من الكهنة ومعهم بعض العلمانين العاملون داخل المطرانية أو في بعض الرعايا ومؤسسات الابرشية هي نفسها المسئولة عن الاوضاع المتردية التي وصلت لها امور المطرانية والابرشية وبالتالي فهي تحمل سيادة المطران عن سابق قصد من طرفها نفس المسئولية، وهي ذاتها التي شاركت بافكارها "السديدة" في الماضي وما زالت في كثير من الاعمال والافعال والقرارات الجائرة التي إتخذت في المطرانية بحق الكثير من الناس(وبحق بعض الكهنة الصديقين ومن ضمنهم اخي المرحوم الخوري منير منصور، حين عملوا بجد وهمه على إبعاده من دار المطرانية دون أي سبب يذكر حيث وصل في النهاية إلى أين هو موجود اليوم).
فهذه الثله يا سيادة المطران تعاني من عمى البصيرة ومن العسر السمعي ومن الواضح إنها مكونة من نوع البشر المغرم في إيذاء ومضرة الغير، ولا أبالغ إن قلت أن وجودها من حولك أمر أخطر من خطير لانني على يقين أنك ستكون أنت من أوائل ضحاياها وأيضاً من كبار المتضررين منها، فهي الان لا أمر وإنشغال لها سوى العمل على إيذائك ، بكل الطرق والاساليب وبكل فرصة ستتاح لها ، لان هذا فقط ما تتقن فعله وهذا ما فعلته على مدى العقود الاخيرة مع جميع من سبقوك من مطرانة (او غيرهم) لذلك فرجائي لك ان تدع هذه الثلة وشأنها قبل فوات الاوان، "ومن جرب المجرب مستقبله مخرب".
وان كانت نصحيتي هذه غير مرغوبة عند سيادتك فانه على الاقل على عاتقك وعليك يا سيادة المطران تقع مهمة البحث عن الطرق والسبل الذي ربما تؤدي إلى تهذيب اساليب وتصرفات وتنشيط عقل هذه الفئة، لعل الله يهديها وتصبح علاقاتها وتصرفاتها أكثر واعية ومنطقية وقريبة ولو بالشيء البسيط من الايمان وتعاليم سيدنا المسيح. وتصبح في مستوى لائق من الحوار الحضاري بينها وبين ابناء الابرشية، والاهم من كل هذا عليك العمل أيضاً على حث هذا القسم من الكهنة على إدراك وفهم مهامه التي من أجلها أصبح كاهناً (وليس تاجراً أو عصفوراً!!) وليعُد كل واحد منهم إلى صوابه وتوازنه ورشده المطلوب. ولنتذكر جميعنا دائماً وكل فرد منا من هو ومن أين اتى، وماذا يساوي وكما يقول أهل القرى "الحاره ضيقه وكلنا نعرف بعضنا البعض".
والاهم من هذا كله طلبنا الحار إليك بأن ترسل هذا القسم من الكهنة ليصلوا ويقدسوا ويعظوا في الكنائس وبين الناس لانهم من أجل هذا اصبحوا كهنة، ولا ليكونوا موظفين وراء طاولات وأصحاب مناصب او رجال أعمال ,افعل وأنت على رأسهم ما قال المسيح لتلاميذه ورسله بعد القيامة وقل لهم ولنفسك أيضاَ: "إذهبوا وتلمذوا كل الامم وعمدوهم بأسم الاب والابن والروح القدس".
لان امر هئولاء الكهنة أيضاً لم يعد يحتمل ويطاق، ولا عقل يقبل أن تنشغل المطرانية والابرشية للعديد من السنين بمشاكلهم وحسابتهم الشخصية الواحد مع الاخر، لان مستقبل أبرشيتنا ومستقبل أولادنا ومجتمعنا أهم بكثير وغير منوط ومرهون على الاطلاق بأمر هذا او ذلك الكاهن، وإن كان لا بد فأن الحل بسيط جداً، إما أن يرحل بعض الكهنة ويتركونا وشأننا وأما أن نرحل نحن، ولكن السؤال هنا ما هو الاسهل أن يرحل 70000 نسمة من ابرشية الجليل او عدة أشخاص لبسوا ثوب الكهنوت ولكنهم بعيدون كل البعد عن ما يحمل في طياته من إيمان ومحبة وأعمال من أجل خلاص النفوس ومن أجل سلام العالم أجمع.
وكما كانت كنيسة المسيح الاولى قوية وذات إيمان قويم وبه تصدت لكل الهرطقات والعواصف العاتية التي ضربتها هكذا ستبقى إن شاء الله كنيستنا وأبرشيتنا بالرغم من كل المهاترات وهرطقات اليوم والخلل الداخلي الذي يسودها. وعلينا أن لا ننسى أن المسيحية والابرشية قائمة إلى الابد ورجال دينها غير دائمون.
الدكتور إيلي سليمان منصور
الجش