سيارة الإسعاف أم سيارة تأكيد وفاة - بقلم سمر سماوي
تكثر المشاكل اليومية الشائكة في قرانا ومدننا العربية، فهناك مواضيع لا تعد ولا تحصى نعاني منها، رغم أن حلها بسيط. مثلا تأمين دخول أولادنا المدارس بدون تحرش أو بدون خوف من السيارات التي تتزاحم في الصباح. فكما تفعل بلديات المدن اليهودية المجاورة، يمكن للبلدية تزويد مراقب في مناطق تكثر فيها المدارس لمدة نصف ساعة صباحًا للتواجد عند وصول الطلاب ونصف ساعة أخرى عند خروجهم! ساعة واحدة فقط تحمي أولادنا!
قضايا كثيرة نفكر فيها كأفراد وعائلات ولا نفهم لما هذا الحال. قبل حوالي الثلاثة أشهر، قمنا كعائلة بالإتصال بسيارة الأسعاف لمساعدتنا في إنقاذ حياة شخص من العائلة وطبعًا وكالعادة لم تفلح السيارة بالوصول إلى البيت وإضطررنا بالإتصال بعد أكثر من نصف ساعة بالسيارة والتي تاهت لتصل إلى مدينة مجاورة واعلمناها أن لا حاجة لها.. فقد فقدنا المريض وظهر طبيب آخر ليأكد الأمر!!
ما فائدة سيارة الإسعاف إن كانت لا تساهم بإنقاذ المريض بوقت معقول؟ فقد أسميت بسيارة إسعاف، لا سيارة تأكيد وفاة .. لربما يدعي البعض أن المشكلة هي بشوارع وتسميات قرانا العربية ومدننا، لربما. ولكن ما بالك حين نتكلم عن مدينة الناصرة والتي لكل شارع رقم ولكن بيت رقم آخر، وليس هذا بحسب، خرائط كثيرة تشمل هذا الأرقام، وحتى خرائط الGPSتشملها. أهل يعقل أن تتوه سيارة أسعاف ولا تصل إلى مرادها؟؟ هل كان ذلك سيحدث في أي قرية أو بلدة صغيرة جدًا يهودية!! لا .. لن يحدث! ولا أفهم السبب.
أذكر، في بداية التسعينات، وأظن أن أغلب النصراويين من هم من عمري وأكبر، يذكرون حادثة وقوع الشاحنة على سيارة فولسفاجن صغيرة تقودها فتاة شابة لم تتجاوز العشرين من عمرها أنذاك، عرفتها منذ صغرها، فتاة نشطة مرحة من عائلة محترمة من الناصرة. قادت السيارة وعند أنعطاف مستشفى الناصرة أنقلبت شاحنة على السيارة. وكل ما كان في صندوق الشاحنة غطى السيارة تمامًا ولو وجدت الوسائل التي كانت قد تساعد في إزالة الخردوات التي وقعت، لأنقذوا الفتاة التي ماتت إختناقًا. أذكر أن أفرادًا من عائلتي كانوا يقودون السيارة على بعد سيارتين من الفتاة، أخبروني أنه قد هرع الكثير من الناس وبينهم متطوعون أجانب من المستشفى ليقدموا المساعدة. ولكن قوات الشرطة منعت أي شخص من الإقتراب. وأعتقد الجميع بأن بحوزة الشرطة وسائل أفضل.... ولكن لا شيء.. أستطاعت رفيقة الشابة التي رافقتها في السيارة الخروج، ولكن الشابة التي قادت السيارة لم تنجو... لأن أحدًا لم يستطع المساعدة.
بعدها بأيام وحتى أسابيع حدثت ضجة إعلامية يهذا الصدد وظهر والدها الثاكل في أحدى برامج التلفاز ليتحدث عن التقصير. ولكن شيئًا لم يحدث... فاليوم بعد ما يقارب العشرين عامًا، تحاول عائلة أخرى كعائلتي إنقاذ أحد أفراد عائلتها في الناصرة لتدعو سيارة نجمة داوود الحمراء، فلا تصل إليها.
حتى لا أظلم أحدًا ،فالتغيير الذي حل هو وجود شركات خاصة بدأت هذه الخدمات، وكون العاملين هم محليون، يعرفون زقاقات الناصرة وتسمياتها المختلفة، يصلون إلى المكان بسرعة أكبر، حتى بدون GPS . ولكن حبذا لو أخذت سيارة نجمة داود الحمراء أمرنا بشكل جدي أكثر، وربما تستخدم التكنولوجيا الممكنة لتفي بالغرض الذي وجدت من أجله ولا تضل الطريق لتصل إلى المريض، الذي قد يكون بأمس الحاجة للسرعة لإنقاذ حياته أو عدم إحداث ضرر لا رجعة منه للشخص نفسة بسبب أي تأخير ممكن.
فغاليبتنا نستخدم ال GPS ، لإيجاد مكان ترفيه أو بيت صديق، فلما لا يستخدم لهدف سامي، إنقاذ حياة!
لو فكر القائمون على الخدمات المختلفة لوجدوا أن حلول بسيطة لمشاكل خطرة متوفرة دائمًا، ولأصبحت حياتنا أكثر أمانًا وراحة بال.
لا أعرف إن كان لقلمي تأثير أكثر من الضجات الأعلامية التي طرحت في قضايا شبيهة في الماضي.. ولكنني حاولت!