مشاركة فيديوهات ومقالات بالعربية

عائدة النوباني وخالد محاميد في زيارة لبيت الراحل محمود درويش

0.00 - (0 تقييمات)
نشرت
602
مشاهدات
0
تعليق
شارك الرابط Embed

ابلاغ Report

طللية البروة -- محمود درويش أمشي خفيفاً كالطيور على أديم الأرض, كي لا أوقظ الموتى. وأُقفلُ باب عاطفتي لأصبحَ آخري, إذ لا أحسُّ بأنني حجرٌ يئنُّ من الحنين الى السحابةِ. -هكذا أمشي كأني سائحٌ ومراسلٌ لصحيفةٍ -غربيةٍ. أختار من هذا المكان الريحَ... أختارُ الغياب لوصفه. جلس الغيابُ محايداً حولي, وشاهده الغرابُ محايداً. يا صاحبيَّ قفا... لنختبر المكان على طريقتنا: هنا وقعت سماءٌ ما على حجرٍ لتُتبزغَ في الربيع شقائق النعمان...(أين الآن أغنيتي؟) هنا كسر الغزال زجاج نافذتي لأتبعه إلى الوادي (فأين الآن أغنيتي؟) هنا حملت فراشات الصباح الساحرات طريق مدرستي (فأين الآن أغنيتي؟) هنا هيأتُ للطيران نحو كواكبي فرساً (فأين الآن أغنيتي؟) أقول لصاحبيَّ : قفا... لكي أزن المكانَ وقفره بمعلقات الجاهليين الغنية بالخيول وبالرحيل. لكل قافية سننصب خيمةً. ولكل بيتٍ في مهبِّ الريح قافية ٌ... ولكني أنا ابن حكايتي الأولى. حليبي ساخن في ثدي أُمي. والسرير تهزُّهُ عصفورتان صغيرتان. ووالدي يبني غدي بيديهِ... لم أكبر فلم أذهب إلى المنفى. يقول السائحُ : انتظر اليمامة ريثما تنهي الهديل! أقول : تعرفني وأعرفها, ولكن الرسالة لم تصل. ويقاطع الصحفيُّ أغنيتي الخفيَّة : هل ترى خلف الصنوبرة القوية مصنع الألبان ذاك؟ أقول كلاّ. لا أرى إلا الغزالة في الشباك. يقول : والطرق الحديثة هل تراها فوق أنقاض البيوت؟ أقول كلاّ. لا أراها, لا أرى إلا الحديقة تحتها, وأرى خيوط العنكبوت. يقول جففْ دمعتيك بحفنة العشب الطريّ. أقول : هذا آخري يبكي على الماضي... يقول السائحُ: انتهت الزيارة. لم أجد شيئا أصوِّرُهُ سوى شبحٍ. أقول: أرى الغياب بكامل الأدوات, ألمسه وأسمعه, ويرفعني إلى الأعلى. أرى أقصى السماوات القصية. كلما متُّ انتبهت, وٌلِدتُ ثانية وعدت من الغياب الى الغياب.
جاري التحميل