أين اختفت جدتي؟
3.75 - (4 تقييمات)
نشرت
أين اختفت جدتي ؟
في مناسبة عامة بينما كنت أصافح وأحيي هذا وهذه ، اقترب مني وقال مبتسمًا : "لم أعد أعرف جدتي" ؟ نظرت إليه بتعجب وقلت :"إنها أمامك "، ضحك وقال : " بعرفك بتلقطها عالطاير ، ألا ترى أنهن كلهن متشابهات"؟ .
لا اعرف حقيقة ما إذا كنا سنرى في السنوات القادمة منظمة لحماية الجدات من "الإنقراض" فالطريقة التي تسيطر فيها عمليات التجميل على الناس ومن كل الأعمار تثير التخوف وتدفع للكثير من التساؤل .
والتساؤل الأول هل كل عمليات التجميل تُجمل فعلًا؟ هل يبحث المُتجمل عما يليق به؟ بشكله الخاص ؟ بعمره؟ أم أن الهدف أن يتخلص من شخصه كي يشبه فلانًا أو علانًا؟ أو أنه مجرد حنين لأيام الشباب ؟.
يبدو أنه يفوتنا أحيانا ، أن الشكل والتصرف مرتبطان عضويا بعمرنا وتغير أدوارنا الحياتية والمهنية ، ففي المراهقة نحاول لفت انتباه الجنس الآخر ، وفي الشباب يبدأ الجمال بالتميز وفي سن الزواج تتضح الصورة ، وتبدأ بعدها في التحول ...إنه أمر طبيعي فلكل فئة عمرية جمالها وشكلها وأيضا تصرفاتها .
لن أتكلم عن العيب الذي من الممكن محيه أو تعديله عن طريق عمليات التجميل ، والذي من الممكن ان يكون أحيانًا ميزة جمالية خاصة ومُميزة للشخص كأسنان نجلاء فتحي التي يتذكرها كل الأجداد مثلي ،او عن النقاش السرمدي حول من هو الجميل وما هي معايير الجمال ، حيث أصبح الكثير من النساء متشابهات بالشفاه والأنف ، ولا أقصد السخرية ولكن يجب أن لا تغيب الخصوصية وأن يبقى التميز ليس فقط بالجوهر بل بالمنظر أيضًا.
ما يقلقني هي جدة ذلك الشاب الذي لم يعد يعرفها ،وهذا الدور الذي ترتبط به تجاعيد الحكمة والخبرة بالطيبة والحنان ، (وما أغلى من الولد إلا ولد الولد ) وهل هناك علاقة بين الشكل والمضمون في هذا المجال أيضا ؟ وهل الحنان والطيبة ستزيد لدى الجدات لأنهن متصالحات مع شكلهن ؟ الحقيقة أنني لا أعرف !!!
قد يتهموني بالتخلف ، أو ربما بسبب التغيرات السريعة يصبح كلامي تخلفا كتحصيل حاصل، ولكني ما زلت أعتقد أنه ليس من المناسب أن أرى الجدة والأم والأبنة بنفس الملابس ونفس الشكل وان لا أضطر للسؤال :"مين إم مين"؟ قد يكون الشكل مسألة سطحية ، ولكن اختلاط الأدوار وضياع هويتها قد يكون لهما تأثيرات أخرى ، وقد يكون للتجميل في غير وقته ومحله عوارض جانبية وقد تكون سلبية أو ايجابية ! .
بالرغم مما ذُكر لا زلنا محظوظين بالكثير من الجدات ذوات الصورة "المعروفة ", ومن الرائع أن هذه الصورة في كثير من الأحيان ممزوجة ببعض التحسن من حيث الأناقة والعصرنة والطاقة المستمرة ، ولكني أصدقكم القول أنني مع الهجوم المنسعر للتطورات البلاستيكية ، وغير المدروسة إجتماعيا أخشى من إنقراض الجدات .
لا شك أن لكل إمرأة الحق الكامل بتغيير شكلها وتجميل وتحسين بعض الأماكن في جسدها ، ومن نافل القول أنني أحترم حرية اختيارها ولكنها مجرد أفكار وتساؤلات مجتمعية وليست طبية أو أخلاقية .
وعفوا من كل الجدات .