وَمَضات رمضانيّة (1) - شهر الصوم والعبادة - جاسر الياس داود
جميل أن يتعمّق ويلجّ المؤمن في رحاب الله والإيمان بقدراته وأعماله التي لا تُحصى ولا تُعدّ، وفي نفس الوقت الأجمل أن يشكر العبد المؤمن خالقه على كلّ ما منحه لعباده من خيرات ووزنات وبركات ونِعَم، منحها لهم دون منّة وبلا محاباة، بل هذا هو نهجه، فهو أكرم من كريم.
ومن هذه النِعَم التي منحها الله لعباده المؤمنين به من أتباع النبيّ العربيّ القريشيّ محمّد بن عبدالله ( صلّى الله عليه وسلّم) صوم شهر دون زيادة أو نقصان لِمَن استطاع هذا، كي يُدخلهم في الشعور بالتقشّف والعبادة الصادقة وعمل الخير مع الآخرين.
لم يأتِ الصوم في هذا الشهر الكريم كي يُجرِّب عباده المؤمنين، فالخالق يعرف قدرة وطاقة كلّ واحد منهم، لهذا أمرهم بالإمتناع عن الأكل والشرب مُحدّداً لهم الأوقات، كي يُنقّي النفس وروح الجسد من الشّوائب المتعلّقة بها، بعملٍ من الشّيطان الذي يُحارب الإنسان المؤمن ويشدّه إلى الجحيم. في هذا الشهر الفضيل، يعمل المؤمن كلّ ما في وسعه من أجل إرضاء الخالق بإطاعته لأوامره، والقيام بما ألقى عليه ومنها الصوم بقناعة واقتدار، كي ينعم بالجنّة الموعود بها في الحياة الأبديّة.
لم يتذمَّر النبيّ العربيّ القريشيّ محمّد بن عبدالله ( صلّى الله عليه وسلّم ) من حرّ الصحراء والظمئ في الشهر الكريم، بل بالعكس كان يُكثر من الصّلاة والتأمّل في قُدرة الخالق على تحمّل أخطاء وخطايا المؤمنين، فكان يتشفّع لعباده المؤمنين كي يهديهم الله ( عزّ وجلّ ) إلى طريق الحقّ وعمل الخير لأنفسهم أوّلاً ومن ثُمَّ لغيرهم. لهذا جعل الله المؤمن في هذا الشهر الفضيل يُسدي الزكاة ويُقدِّم المساعدة والمعونة لغيره من عباد الله المؤمنين، وحال لسانه يقول : الله أكرم من كريم، وقد أكرم عليّ بهذه النِعم، فَلْيَنْعَم معي أخي الإنسان المؤمن بخالقه.
لهذا أتضرّع إلى الله ( عزّ وجلّ ) أن يكون هذا الشهر الفضيل الكريم شهر خير وبركات على جميع المؤمنين، ولينعَم شعبنا العربي والإسلامي بربيع أخضر حقيقي، غزير الخيرات وبتحقيق السلام العادل وإقرار الحقّ وكلّ رمضان وكلّ عام والعام وأنتم بألف خير. وإلى المؤمنين المسيحيين الذين يسيرون على التقويم الغربي ويحتفلون اليوم بعيد مار الياس كل عام والعام وأنتم بألف خير.
الداعي لكم بإفطارٍ شهيٍّ
أخوكم بالإنسانيّة والإيمان
جاسر الياس داود