دروس في الحياة: كيتشي اوكواتشي.. ماندي هارفي.. بقلم: سمر منصور سماوي
كيتشي، كانت واحدة من بين اثنين من الناجيين من تحطم طائرة نيجيرية عام 2005، راح ضحيتها 107 أشخاص من بين 109 راكب. لم يكن الامر سهلاً على كيتشي، فقد اصيبت بحروق من أعلى الدرجات وما زالت حتى يومنا هذا تتعالج وتجري عمليات.. إضافة الى أنها فقدت زملاء لها كانوا معها بالطيارة. لكنها قرّرت أن لا تتحدى الصعوبات فحسب بل أن تجعل الصعوبات سُلّمًا تعلوه.. فأنهت لقبها الجامعي الأول وابتدأت باللقب الثاني واستمرت. وتقدمت مؤخرًا لمسابقة " مواهب أمريكية" American got Talent، مستخدمة صوتها لتروي قصتها.
ماندي هارفي، بدأت تغني وهي صغيرة واستمرت في تعليمها الأكاديمي لتتعلم الموسيقى، لكنها مرضت وفقدت حاسة السمع بجيل الثامنة عشر. كان يمكنها أن تجلس بالبيت تبكي حظها.. لكنها قررت أن تحاول.. ألى أن تعلمت تقنيّة تمكنها من أن تعود للغناء والعزف رغم فقدانها حاسة السمع، فنجحت وألفت الأغاني وتقدمت وهي اليوم في التاسعة والعشرين من عمرها لمسابقة المواهب الامريكي American got talent.
كان لكيتشي وماندي اثر كبير على الجمهور ولجنة التحكيم. وقفوا اجلالاً لهما، وحصلت ماندي على " الأختيار الذهبي" مما يعني انها ستصل البرنامج الحي من غير منافسة.
ادهشتاني، وشاهدت اداءهما عدة مرات، كما ادهشتا الملايين.. فلم يدهشنا الإداء فحسب، بل الرسالة التي أرسلتاها عبر الأثير:
لن نقف مكتوفتي اليدين أمام عجزنا، بل سنجعل ضعفنا قوتنا وسنعلو نحو هدفنا.
مشاهدتي لتلك الحلقة من البرنامج، ذكرتني حين كنت في زيارة قبل عامين في احدى دول الإسكندنافية، حيث زرنا احدى الحدائق في مركز المدينة فسألتني إبنتي: لماذا نرى هذا الكم الهائل من ذي الاحتياجات الخاصة في بلد متطوّر كهذا؟ لوهلة قلت في ذهني: غريب اعتقدت اننا حصرًا في الشرق نعاني من نسبة عالية من المشاكل الخلقيّة بسبب نسبة زواج الأقارب المرتفعة.. لكنني تذكرت أنه في شرقنا العزيز، تخجل كثيرًا من العائلات من أن تُخرج أبناء عائلاتهم ممن يعانون من ذي الاحتياجات..
لا يمكنني التعميم، فأنا لا انسى عائلة عرفتها عن قرب، غيّرت كل مسار حياتها وانتقلت للعيش في بلد آخر حتى يمكنوا ابنتهم التي تعاني من شلل دماغي أثّر على حركتها، ان تلتحق في مدرسة عادية وتتلقى العلم، فقد أنهت تعليمها الثانوي وأكملت تعليمها فوق الثانوي بكل فخر ، ولَم ينقص عليها شيء حتى بالاهتمام بشكلها الخارجي كما تفعل جميع الفتيات. أفخر بعائلات كتلك، تصنع المستحيل من أجل ما يعتبره المجتمع مستحيلاً.
ليس أحد منًا كاملاً، وكلّ منّا يعاني من نقص معين، ضعف او معاناة، لكن القوة هي أن تعلو فوق ظروفك، ولا تجعل ماضيك او حاضرك ذريعة لفشلك، بل إجعل ما تعاني منه سلالم تعلوها، تجعلك أقوى..
تذكر أن قوة الله في ضعفنا تكمل..اجعله أمام ليكون يومك أنجع فترتقي في خطواتك نحو مستقبل أفضل.