"طيبتي دمرتني"؟ بقلم: سمر منصور - سماوي
كنت استقل باصًا، يركبه عادة طلاب مدارس، فأضحكتني جملة كتبت في الباص من الداخل عند السائق تقول " طيبتي دمرتني" فجلعتني أفكر كيف أننا نقدم رسائل لأولادنا خلال نشأتهم بأن لا نتنازل، وأن الطيّب يُدّمر، والمتواضع يُلتهم..
فيكبر جيل..
تراه ينظر إليك بازدراء، لأنك أعقت الشارع خلال السياقة لسبب ما.. وتراه يتعامل معك بدونيّة، لأنك لا ترتدي بحسب الموضة.. تراه يستهزأ برأيك، لأنك أصغر منه سنًا او تجربة.. تراه يسمعك ولا يصغي لك، لأن له اجندته وأنت لا تفي الطلب.. تراه يحتقر فكرك، لأنك تختلف عنه.. تراه يحتقر عبادتك، لأنك تختلف عنه.. تراه يقتلك لأنك مختلف!
لكنه هو ذاته من الذي سيحده كبريائه من أن يتعلم أكثر، هو ذاته من سيقع فريسة حب الذات فيبقى بعيدًا عن حب مجتمعه.
تخيّل معي لو أننا نعيش في عالم يخلو قاموسه من الكبرياء، كنّا سنحترم المختلف، الأضعف،الأصغر، الأفقر والأقل جمالاً..
ففي المؤسسات والشركات وحتى في المجتمعات الصغيرة والبيوت، حين يسيطر عليها أشخاص يتصفون بالمستكبرين، نرى النقاط التالية في القائد أو المسيطر:
1. يستصعب العمل ضمن فريق، ويتصف "بمتلازمة سوبر مان" التي يها يقول "أنا أستطيع أن أقوم بكل شيء بمفردي، أنا قوي ولست بحاجة لاعتمد على أحد" فهو سوبر مان القوي . 2. ليس هذا فحسب فمثل هذا القائد يمنع نفسه من أن يتعلم أكثر ويثري نفسه، لأنه لا يحتاج بنظره للمزيد. 3, غير مستعد لسماع النقد او الردود الراجعة عند أي عمل لأنه مقتنع بما قام. عند أي خطأ يقع يتهم به غيره، لأنه لا يخطيء. 4. كبرياؤه يجعله يختار اختيارات خاطئة وأحيانًا غير قانونية لأنه يعتقد نفسه أحكم من أن يكتشف أحد خطأه. 5. يقاوم التغيير لأنه مقتنع بما يقوم . 6. يدمر العلاقات مع من حوله من مستخدمين أو أصدقاء، لأنهم يستصعب أن يفرح لنجاح الآخرين واختلافاتهم.
رأينا على مدار التاريخ وما زلنا حتى يومنا هذا، نعيش أيام صعبة رأينا المستعلين الذين ينظروا الى غيرهم بأنهم أقل منهم أو يحكمون عليهم بالموت لأنهم ينظرون اليهم نظرة دونيّة لأنهم لا يتفقون معهم بفكرهم أو أيمانهم. فلماذا يقتل السوريين الابرياء، لأن هناك من يظن أنه يعرف اكثر وهو عليه أن يسيطر على الباقي الذين يختلف معهم ليغير فكره. لماذا يقتل أقباط مصر، لأنّ هناك من لم يقبل المختلف ويريد بكبريائه "الروحي" أن يمنع كل من هو مختلف من أن يعيش.
لي قناعات شخصيّة لا أتنازل عنها، ونعم أرى أنها الصحيحة وليس غيرها، لكن هذا لا يمنعني أن أحب غيري رغم إختلافاتهم.
تذكر!من أنت أيها الإنسان لتنظر الى أخيك نظرة استعلاء.. فلا جاه، ولا علم، ولا معرفة ولا فكر ولا إيمان، يجعلك تعلو فوق أحد أو تكون أفضل من غيرك..
تعلّم من الجميع حتى الأطفال.. مهما كبر بك الزمان. فطيبتك وتواضعك سيجعلونك تتعلّم أكثر وتنخرط أكثر مع من هم حولك وتقدّم أكثر لمجتمعك. فلا تجلس في صومعتك في تعالٍ بين الناس فاخرج من بوتقتك واختلط. ميّز كبريائك، وإن قلت لست مستكبرًا، إذًا أنت كذلك! اعترف بكبريائك وابدأ بالشكر لله أولاً على ما لديك وأشكر من حولك على ما يقومون ودرّب نفسك على خدمة الأخرين المجانيّة لتجعل منك أنسانًا محبًا متواضعًا فتكسب معرفة أكثر وأيضًا حبًا أكبر من الناس، فحينها ّطيبتك لا تدمرك بل ترفعك وتبنيك.