كيف حالك؟ بقلم: سمر منصور – سماوي
هل تنتظر الاجابة ان سألت احدًا "كيف حالك"؟
كم منًا سأل شخصًا "كيف حالك" ولم ينتظر الاجابة وحتى لم يتوقع حتى اجابة صادقة. كم منًا حاول الاجابة على هذا السؤال، باجابة حقيقية، ليقابل استغرابًا بأن الاجابة ليست تقليديّة، حتى من الأشخاص المقربين الذين تتوقع منهم ان يهتموا حقًا لحالك، لا مجرد الاجابة: الحمدالله او منيح او كويس!
أصبح هذا السؤال، مجرد سؤال مجاملة يستخدمه حتى البائعون لمجرد السؤال أوالتسويق. في بعض الدول، تكون مارًا في الشارع، فيسألك أحد المارة من باب الأدب " كيف حالك"؟ اذكر أنه حين حدث هذا معي أول مرة في أولى زياراتي للولايات المتحدة، كنت متأكدة أن هذا المار قد ظنّ أنّني شخص آخر يعرفه الى أن فهمت الموضوع، حين تكرّر الأمر في المحلات التجاريّة وفي كل مرّة: أنه مجرد سؤال من باب الأدب والذوق ولا يحمل المعنى الحقيقي للسؤال. تخيّل لو بدأت فعلاً الاجابة على هذا السؤال، ماذا كان سيحدث؟ لربما ظنّ البائع أنك تعمل لصالح الكاميرا الخفيّة لتوقع به في خدعة ما!!
روى لي شخصًا مشغولاً ولديّه مسؤليات جمّة ووظيفة مرموقة، انه يومًا ذهب الى عيادة طبيب الأسنان لتقلي العلاج، وحين بدأ الطبيب بمعالجته وسأله ماذا يشعر، ابتدأ هو بالبكاء، قال لي: "منذ فترة لم يسألني أحد عن حالي. فأنا أهتم بكل تفاصيل من هم حولي. شعرت فجأة أنه وأخيرًا أنه يقع حالي على مسؤولية غيري وهناك من يكترث. فبكيت! " فكما يقول المثل فقد كانت قوة احتماله رغم أنه يظهر كالقوي أمام الناس " زي الي واقفة على قشة"!
يختفي الكثير منّا خلف وسائل التواصل الاجتماعي، يطوّر علاقات ويحاول أن يبنيها خلف الشاشات، فأنا أعرف أشخاصًا، هدوءهم وسط الناس كبير، لا يتكلمون، لكنّه حين تحين لهم فرصة التعبير بالكتابة يكتبون ولا يملّون لأنهم يحتاجون للتعبير. لكنّ الحديث من القلب الى القلب وجهًا لوجه، له رونق، ومعنى أكبر، تقرأ به حال من تحدثه وتفهم ما وراء الابتسامة اوالألم أكثر من الطرق غير المباشرة التي اعتمدناها في حياتنا اليومية لسرعة الحياة وضجيجها.
يحكى أنه تزايد مؤخرًا في كوريّا، عدد الأشخاص الذين يقومون بتصوير ذواتهم حين يتناولون وجبة الطعام مثلاً من أجل أن يشاركوا الفيديو مع آخرين، وهناك حتى من يدفع ليشاهد ذلك، هل هذا فعلاً نتيجة للوحدة التي يعيشها الانسان؟ يحاول أن يتشارك مع الآخرين حاله حتى لو بهذه الطريقة الغريبة؟
أنا أومن أن الله هو أوفى صديق، لكنّ الله أيضًا يستخدم الانسان ليساعد ويشجع أخيه الانسان، لذا لم يخلق الله آدم بمفرده، بل مع حواء معينة نظيره. ينطبق هذا على الزواج ويشمل أيضًا طبيعة الانسان التي تحتاج الى معين وسند. لقد خلق الله الإنسان مع رفيق ليدعم ويسمع فلا يتمركز حول ذاته. كل انسان يحتاح الدعم ومن يسأل عنّه حتى لو ظهر بلباس القوة، فلا يستطيع الفرد أن يعيش بمفرده، وإن حصل ذلك تتراكم ترسبات كثيرة. لربما معظمنا يعمل أو يلتقي بأناس كثيرين، لكنه كثيرًا ما يشعر وحيدًا لأنّ أحدًا لا يأبه لما في داخله، فيبقى وحيدًا يحتاج من يشاركه قلبه.
اسأل من يهمك فعلاً أمره اليوم: "كيف حالك؟" وأنتظر الاجابة بصبر.. إنتظر إجابة حقيقيّة!