"هلأ الكذب صار له عيد"؟ بقلم: سمر منصور - سماوي
من منّا لا يذكر مسرحيّة غربة، للمبدع دريد لحام، ومقطع المسرحيّة الذي يتحدث عن احتفال البلدة بعيد الكذب، برعاية مختار البلد.. فيبدأ أهل البلد برواية قصص الكذب، ليكسبوا "كأس الكذب". وحين قرر المختار تغيير اليوم ليوم الصدق، يكشف المخبأ وتزداد المشاكل بالبلد.. و " تعلق علقة". أضحكتنا هذه الروايات، وابكتنا لصدق وعمق تعابيرهم، مثل اتفاقهم على أن " كأس الكذب للحكومة"..
وها هو الأول من نيسان، يطلّ علينا عامًا آخر، لنعطي لأنفسنا الشارة الخضراء، بأنّ الكذب في هذا اليوم، مسموح ومرغوب، لجلب الابتسامة على وجوه الناس بخدعة نقوم بها مع الآخرين، حتى الصحافة تستغل هذا اليوم لتنشر أخبار كاذبة حتى أننا سمعنا عن احداث كثيرة مؤلمة حدثت بسبب خدعة الأول من نيسان.
لم يكن لي، الا أن أعلّق على مثل هذا اليوم، فحتى أمثالنا العربيّة تشيد بالكذب، لتقول "الكذب ملح الرجال".. وقبلته ووصفته بأنه أعظم سمات الشعر، فقالت العرب "أعذبُ الشعرِ أكذَبُه". وأصبح التملق والتملص من الاجابة الدقيقة، ذكاء، ومن يملك هذه السِمة لديه حكمة الحياة..
تجربتي الطويلة في مجتمعات مختلفة وأماكن عمل متنوعة، اتأسف لما رأيته من أن الصدق أصبح غباء، والأمانة أصبحت عملة نادرة.. والكذب قوة.
أريد أن أرى مجتمعًا،
يعتبر الصدق قوّة، حتى أمام العدو..
يفعل ما يعد به الفرد هو الطريق الوحيد لتنفيذ الأمور، حتى لو كان سيكلف..
يختار الاستقامة في أي قرار، حتى لو كان سيكسب الملايين لو التوى الطريق..
الكذب ليس ملح الرجال، بل ضعف الرجال.. والشعر الصادق هو أعذبه، ولا أرى حتى أن الأول من نيسان، يومًا تستطيع أن تتحرر به من قيم أساسية في المجتمع تجعلنا نصدق ما نسمع ونثق بمن نتعامل معهم، فلا نُخدع، بل نتوقع ما وُعدنا به.
من منّا لا يعرف "بينوكيو" قصة الطفل الذي يطول أنفه في مرة يكذب فيها. فقد كتبها الروائي كارلو كلودي سنة 1880 وترجمت الى عدة لغات واصبحت فلمًا بنسخاته المتعددة. تخيّلوا لو أن هذه الرواية تحققت فعلاً مع كل الناس كيف سيكون شكل عالمنا.. عالم صاحب الأنف العملاق... ألا يكون مجتمعنا أجمل بأنفه الطبيعي وطبيعته الصادقة؟