في البقيعة باقٍ
بقلم: جاسر الياس داود
كلمة وفاء لِمَنْ لم يعرف إلاّ الوفاء
لكَ يا سالم جبران – أبو السعيد - طيَّبَ اللهُ ثراكَ
"الشاعر الوطني المثقف أممي في أفكاره حتى النخاع" (الإتحاد،4/1/2012م،ص 10)
كُنتَ بَحصةً لخابيةِ الزيتِ الأحمرْ منهُ شَربْتَ حتى ارتويتَ ولم تسكَرْ
ناضَلتَ بصمتِ المناضلِ ولم تتكبَّرْ لأنّكَ آمَنتَ بالعدلِ والمساواة فاللهُ أكبرْ
" لم نَعُدْ مجتمعاً زراعياً متخلفاً تعليمياً وثقافياً كما كنّا في الخمسينات الأولى بالإمكان الآن أن نحاور الجانب اليهودي بطاقات عشرات آلاف العرب رجالاً ونساء في مكان العمل (المصنع، المدرسة، الجامعة، المستشفى، المكتب، إلخ) كما ان فئة المثقفين العرب قادرة على أن تجابه المجتمع اليهودي بتحدٍ حضاري ديمقراطي إذا عرفنا كيف ندير حواراً يقوم على حجة عصرية وحقائق ومعطيات صحيحة ودقيقة، واذا أقنعناهم بأن رغبتنا بالحوار استراتيجية حضارية، حصيلتها المصلحة للطرفين"(أقوال سالم جبران- ملحق الصنارة، 2/7/1999م،ص 11).
البقيعة الخضراء كانت دائماً على الأملْ لوجهكَ البشوش ولترجلك يا فارس تستقبلْ
شجر الغار والزيتون والرمان صفَّقّ وطبَّلْ ولدي آتٍ فافرحوا عاد بسرعةٍ وأقبلْ
" كما تحبُّ الأمُّ طفلها المشوها
أحبُّها... حبيبتي بلادي" ( كلمات مقاتلة- سالم جبران ص 102)
يلهثُ عطشاً واشتياقاً للعين والزقاقْ يا أهلي سامحوني فالبعدُ لم يعدْ يُطاقْ
آتٍ اليكِ يا البقيعة بعد هذا الفراقْ لأغفو في أحضانِكِ الدافئة بعد العناقْ
قالت: أهلاً وسهلاً فدَمُكَ أحمرْ
ومرجكَ أخضرْ وقلبكَ أبيضْ
وليلكَ أسودْ في عروقي الدمُ أحمر باقٍ
في شارع الحريري باقٍ فوق رفوف "الغد" باقٍ
على مقاعد "الإتحاد" باقٍ مع شعبي ورفاقي باقٍ
" عندما نبادر للتعاون اليهودي- العربي فاننا لا " نتنازل " عن قوميتنا أو بعضها، بل نخلق أساساً أوسع لمحاربة القهر والتمييز والإهانة القومية، نخلق حلفاء لنا في معركتنا التي هي معركة وطنية لنا كأقلية وهي معركة ديمقراطية إنسانية ضرورية لكل اليهود الديمقراطيين الإنسانيين الطامحين الى علاقات طبيعية مع العرب."( أقوال سالم جبران، ملحق الصنارة،2/7/1999م،ص 11).
في البطوف والشاغور صوتي جَلجلْ في المثلث والنقب وكفرقاسم لم يَثقلْ
رفعٌ للراية الحمراء وعلم فلسطين قبَّلْ عذراً يا فلسطين إنْ لم أجعَلْ
دائماً صوتي وجولاتي لكِ تعملْ فالعلة سقيمة ولم تُرِدْ إلاّ أن أتعلّلْ
فوالله لو أعطوني " المريخ وزحلْ " لغيرِك فلسطين حبيبتي لا أقبلْ
" ويقول عنه الدكتور فاروق مواسي في مقالة له يتطرق فيها لديوانه رفاق الشمس:" وسالم جبران لا إنكار أنهُ عَلَمٌ بين شعرائنا، ويعود ذلك في حسباني لموقفه السياسي، فهو يصف الواقع المعاش بجرأة وبتحَدٍّ وبعنفوان، وهذه أضفَت على شعره مسحة البطولة." (الإتحاد،20/10/1992م،ص 9)
غسليني يا خالتي بصابون الريحانْ ولفِّعوني يا أحبائي بورقِ السنديانْ
لأبقى طاهراً وجاهزاً لملاقاة الرحمنْ مرحِّباً بيّ بعد فراق قائلاً يا جبرانْ
أنتَ الطاهر النديُّ فإلى جنة الرضوانْ حيث الآباء والأمهات والأهل والجيرانْ
فانعَمْ في جنَّتي واصدحْ فلكَ كل الأمانْ
" هزّي من الأعماق، يا عاصفة الهزيمة
عالمنا الشامخ فليدمر الإعصار كل التحف
القديمة ناساً وأفكاراً،
ليحرق لهب الثورة كلّ أراضينا كي لا تُحاك، من جديد، فوقها
مهزلة كي لا تعاد، من جديد، فوقها
جريمة عملاق هذا العصر، هب أطلع
النصر فكل السابقين
أطلعوا الهزيمة" ( ديوان قصائد ليست محددة الإقامة، سالم جبران،ص36-37 )
للأخ الأستاذ سليمان جبران – أطال الله في عمره – ولجميع آل جبران وأنسبائهم وأقربائهم، لا أقول الله يرحمك يا سالم فقط، بل أقول أكثر من هذا: هكذا هم الرجال فطوبى لكَ يا سالم جبران الباقي في البقيعة وفي تاريخ شعبك الفلسطيني.
عبلين 15/1/2012م