مشاعري مختلطة - زهير دعيم
ما أعظم آلامك يا سيّد !
وما أعظم محبتك !
كلّما أنظر اليك مصلوبّا، والدم ينزف ويسيل من جبينك الأشمّ ويديك الطاهرتين وجنبك ، تسحُّ الدموع مدرارة من عينيّ.
أتراني لو عايشتك سأقول مع الجاحدين : أصلبه أصلبه..
أم أنكرك عشر مرات و لا اصدّق حتى ولو وضعت اصبعي في جروحك..
لا أدري يا سيّدي ...ولكنني أدري شيئًا واحدًا أنّ مشاعري مختلطة.
فالحزن من جهة يأخذ مني مأخذًا ، فآلامك فوق طاقتي ، تهزّ كياني ، تُشعرني بالذَّنْب، فأنا حقيقة أصلبك كلّ يوم ، أصلبك رغم ارادتي ، فهذه الجبلة تأبى أن تتقدّس حتى التّمام ، فتميل هنا وتميل هناك.أعنّي يا سيّدي أرجوك..
حزين أنا في هذا اليوم وفرِح ومغتبط !
فالشّابّ الجليليّ ، ملك الملوك وربّ الأرباب ، ذاق الأمرّيْن لأجلي ، قضى لأجلي ، تحدّى الشيطان وانتصر لأجلي ...وأنا ما أنا خاطىء.
وفَرِحٌ يا سيّدي ، فهذه الآلام المبرّحة كوّة للأمل وفسحة رجاء حقيقيّ ، قادت خُطاي وخطى مئات الملايين من البشر الى سمائك وقُدسك ورحابك ، فالفرح الحقيقي المُلوّن في ديارك.
والهناءة بمعناها الأصليّ بقربك ، والسعادة المتوثبة بحضورك.
فحضورك مُشتهانا وطربنا ونشوتنا وكرامتنا.
أقرأ يا سيّدي يسوع كلماتك وأنت على الصّليب ترمق صالبيك بمحبةٍ قائلا :" يا أبتاه اغفر لهم لانهم لا يعرفون ما يفعلون" فأنكفىء على نفسي فأين أنا منك ؟!!! ولكنني امتلىء فخرًا بك وأصرخ : هذا هو الهي ..هذا هو ربّي ، هذه المحبة بعينها ونفسها وذاتها .
كم أفتخر بك يا يسوع كم أعتزّ !
أعتزّ بآلامك وجروحك وقيامتك.
أعتزّ بسيرتك المُفعمة بأريج الطُّهر، فيروح قلمي المتواضع يُغرّد على القرطاس قصائد الغَزَل .
كم كنت أريدكَ أن تعطيني البلاغة والحِسّ المُرهف حتى أغزل لك من خيوط التبر تاجًا ، ومن شعاع الشمس سربالا.
فأنا مُقصِّرٌ يا سيّدي ، فَهَبني الشجاعة لأن أقول الحقَّ، وهبني الجرأة كي لا أجامل أحدًا فطريقك وحدها بها ومعها الخلاص.
نسجد لآلامك يا يسوع، وننتظر قيامتك المجيدة ...وننظر الى السماء بشوق ونرنو كلّ يوم فمجيئك على السَّحاب بات وشيكًا.