سفك الدماء ...... وخلط الاوراق - بقلم عطاالله منصور
تؤكد لنا اخبار دمشق اننا نعيش على شفير هاوية لم نعرف ولم نتصور وجودها قط. قاهرة المعز رفعتنا من بين انقاض قناعتنا السوداوية وانتشلتنا من هوة سحيقة اكدت لنا منذ سنوات طوال بأننا رضينا الذل والمهانة، وقنعنا بان الدنيا تدور بنا، ترفعنا مرة، وتسقطنا مرات فجاء شباب ميدان التحرير كزهرة نضره اخترقت كتبان رمالنا الجرداء مبشرة بقرب انبلاج فجر ربيعنا المنتظر.
ولكن عاصمة بني امية رفضت باصرار ان تسمح لنا بالتطاق الانفاس. "الشبيحة" كما يظهر لا يشبهون، في حقيقة امرهم، البلطجية الا في كونهم يقومون بوظيفتهم عن طريق العنف. البلطجية حاولوا انقاذ حسني مبارك ولكن الجيش المصري رفض التعاون معهم - وحسني مبارك مثل الملك فاروق تنحى عن السلطة ورضي بما قسم له الله، وقيادة الجيش والشعب. حمى الله شعب مصر وهداهم الى طريق الصواب!
وبفضل شعب مصر - وريادة شعب تونس - هبّت عاصفة الثورة في مختلف دول العرب. ليبيا الجماهيرية – يا حسرتي- ظهرت على حقيقتها: مجرد تحالفات لقبائل الشرق والغرب وغراب البين المفترس الذي أكل الاخضر واليابس فرض على ثوار ليبيا وجامعة الدول العربية طلب النجدة من دول الاستعمار التقليدية التي عادت لضمان نشاط شركات البترول ودوام تدفق نفط ليبيا الى صناعتها. القذاقي، عميد القادة العرب، لم يتمكن من تجنيد مختار عربي او أمام جامع افريقي الى جانبه رغم اعلانه "الجهاد" المقدس على "الصليبين" الجدد...
واليمن" السعيد" وصل الامر فيه الى انقطاع مياه الشرب عن سكان عاصمته بصورة منظمة، فلا يجدون المياه الا في كل يوم رابع في صنعاء، ومرة واحدة في كل ثلاثة اسابيع في تعز! ولكن الرئيس ليس آمنا حتى داخل المسجد....
ولكن سوريا وجيشها العقائدي يقتل المواطنين لمجرد مسيرتهم في مظاهرة... ويوزع على الشهداء البنادق لكي يدينهم دريد لحام الذي احبه العرب واحترموه وقدّروه واعتبره رمزا ثقافيا طيلة العقود الاخيرة! فهل نبكي العروبة والعرب؟ هل نعود يوما لأحلامنا الوردية لأن اخوتنا في مخيمات الذل واللجوء في سوريا يحاولون فرض حقهم في العودة؟
ولكن المرء لا يستطيع الا ان يسأل ويتساءل لماذا سمحت سوريا لأخواننا بالتظاهر قرب مجدل شمس السورية هذه الايام؟ هل قصد بشار الاسد أن "دعمه" للفلسطينين سيكون ورقة التين التي تستر عورته؟ ولكن العالم العاقل لا بد ان يسأل: ولماذا جاءت هذه الهدية المسمومة في هذه الايام السوداء بالذات؟ حتى حزب الله منع المظاهرة على حدوده لكي يتحاشا غضب اسرائيل - فلماذا تحمس الاسد لسفك دماء الفلسطينين على الارض السورية في الجولان؟ أهو يدعم حقهم في العودة؟ لا يصدّق هذا الزعم الا مسكين يثير الشفقة ولو كان لدى الاسد ونظامه "العقائدي" عاقل واحد لكان اقترح عليهم أن ترافق العائدين وحدة عسكرية تحميهم من الخطر الذي انتظرهم وراء الجدار. ولكن الجيش السوري بحاجة ماسة لكل جنوده في مواجهة الشعب الذي يطالب بحقه في الحياة? أن حماة الديار يحرقون حمص وحماة، ومن أين ناتي بمزيد من الدمع؟؟