عالم التفرد على الابواب - عطالله منصور
يقوم الآلاف من الشباب المتعلم في مؤسسات راقية اليوم بإجراء التجارب في حقول علمية لم تقترب منها الإنسانية مُسبقًا سوى بالأحلام أو تحت تاثير المشروبات الروحية أو المخدرات. هم مثلاً يقومون بتعليم الحاسوب على لعب الشطرنج، وكتابة الشعر، وحل المعضلات الحسابية...! وهناك من يؤكد لنا ان هؤلاء العباقرة لا يحرثون في البحر، واستطيع شخصيًا أن اؤكد بأن بعض ما رأيته وسمعته يثبت لي بأن معجزات العلم بدأت تعطي ثمارها.
فالحاسوب الذي أستعمله أنا لكتابة هذه الأسطر المتواضعة يستطيع هو نفسه أن يُترجم هذه العبارات لعشرات لغات العالم بمجرد الضغط على زر!
صحيح بان هذه الترجمة تثير الضحك في كثير من الأحيان، إذ أن المترجم الآلي لا يفقه المعاني ولا يعرف التمييز مثلا بين اسم العلم "حسن" والصفة "شيء حسن"، ومع ذلك فإن سرعة الترجمة تترك المرء مشدوهًا!
هناك من طمأنني بأنه توجد ترجمات أرقى وبأن العالم سيصل خلال العقد الحالي لإيجاد نظام للترجمة الفورية لكل لغات العالم وتوفيرها لكل من يحتاجها بأسعار زهيدة.
انني أعرف شخصيًا شابًا احترف تطوير الحاسوب ليُنازل الإنسان في لعبة الشطرنج –التي تعتمد على التفكير. فالإنسان - بورك في طموحه - لا يهدأ ولا يقنع، وهو يسعى دومًا الى عالم يستطيع فيه السيطرة على تسخير الآلة الصماء لاكتشافات متميزة، نحو: اكتشاف الأمراض كالسرطان والقضاء عليها؛ واكتشاف أجهزة علمية صغيرة قادرة على مطاردة الجراثيم الفتاكة داخل شرايين جسد المريض ومختلف الأوعية الدموية، فتقضي عليها!
ففي تل ابيب بالذات يجري هذه الايام مؤتمر علمي يحمل اسم "التفرد" (Singularity ) ، ومنه سمعت عن أهداف وضعها علماء هذا الفرع العلمي أمامهم وكان أولها هي جعل الحاسوب أذكى من الاذكياء بيننا آلاف المرات (2) القضاء على الامراض – والأورام بالذات (3) سيارات تعمل بدون سائق (4) علاج المرض وتشخيصه وتحديد الدواء بواسطة جهاز سمارنفون يدوي.
ويقول البحاثة القائمون على هذه الأبحاث بأن جهودهم وصلت إلى تزويد سائق سيارة الإسعاف بالتعرف على نسبة السكر لدى المريض الذي ينقله بواسطة التلفون، وبأنه توجد نظارات طبية ترشد الزبون في المطعم للغذاء الدسم وتمييز الغذاء الصحي بمجرد إلقاء نظره عليه !
توجد في الولايات المتحدة اليوم جامعة للبحث في هذه المعلومات تحمل اسم "التفرد". أطلق هذا الاسم عليها لأن طلابها لا يتبعون أحدًا ولا يعملون ضمن مجموعات، بل كلّ منهم يتفرد في بحثة ويحاول تحقيق المستحيل!
مُنظم المؤتمر العلمي حول هذا الموضوع هو "ري كورتسفيل" الذي يقول بأن الثورة العلمية التي تدور رحاها اليوم ليست أمرًا مُسليًا، بل إنها ضرورة حياتية لرفاهية الجنس البشري والذي وصل عدد أفراده على الكرة الأرضية نحو سبعة مليارات، ويُتوقع الوصول إلى ما يُقارب العشرة مليارات خلال عقد من الزمن. فإذا لم نستغل القدرات الخلاقة والاكتشافات العلمية هذه، سنجد أنفسنا بحاجة ماسة لكرة أرضية أخرى. يؤمن "كورتسفيل" بأن العلم والاكتشافات ستضمن الرفاهية للجنس البشري ليصل إلى حقيقة "الجنة على الأرض" خلال 50 عامًا!