مشاركة فيديوهات ومقالات بالعربية

عن الحراك الاجتماعي في إسرائيل(4-4): الجماهير العربية وحركة الاحتجاج الاجتماعية بين تغييب المواطنة وغياب الذات الجمعية - سميح غنادري

0.00 - (0 تقييمات)
نشرت
654
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

عن الحراك الاجتماعي في إسرائيل(4-4): الجماهير العربية وحركة الاحتجاج الاجتماعية بين تغييب المواطنة وغياب الذات الجمعية - سميح غنادري

 

الدجاج السياسي...

مَثَلُ تصرف بعض القيادات الحزبية العربية هنا في إسرائيل، إزاء الحراك الاجتماعي وفيما بينها، كمًثُل تصرف الحكام العرب هناك في الدول العربية، إزاء القضايا القومية والمدنية وفيما بينهم. فهناك وهنا يتفق العرب على ألاّ يتفقوا، ولا يضيعون أية فرصة لإضاعة الفرصة. يخفون عجز الفعل براديكالية الخطاب، ويقسمون كلاما وثرثرة بوحدة الصف الوطنية والقومية ويحرقونها ممارسة. يقولون ما لا يعتقدون ولا ينفذون ما يقولون. تنخرهم حزبية القبائل وقبلية الأحزاب. يتغنون بالديمقراطية والتقدم والنهضة والأخلاق، ويبرون أقلامهم خناجرا ويطلقون ألسنتهم صواريخا وراجمات لتشويه موقف الآخر المكمل للذات وحتى لتخوينه. عقولهم شمولية، فوحدها تملك الحقيقة المطلقة. لذلك تصبح حواراتهم أشبه بحوار الخرسان الطرشان، ولا تخص أبداً اكتشاف بعض الخطأ في صحيح موقف الذات ولا بعض الصحة في خطأ موقف الآخر. لأن الهدف الأسمى ليس إيجاد المشترك السليم لصالح قضايا الناس، وإنما تسجيل النقاط في مرمى ملعب الآخر. والآخر ليس عدوا، وإنما صديق وشريك وطني، جعلوا منه عدّوا غافلين عن العدو الحقيقي.

لقد نجحت بعض القيادات العربية هنا في تحويل مسألة مشاركة العرب في الحراك الاجتماعي في إسرائيل إلى مسألة خلافية عدائية أضرّت بهم وبقضايا شعبهم وبخصوصية مطالبهم وكفاحهم ضد السياسة الرسمية الإسرائيلية وبالحراك العام. ونقصد بالأساس التيارات الحزبية المركزية الثلاثة: الحزب الشيوعي والجبهة، الحركة الإسلامية، وحزب التجمع الوطني. واستدرك قائلاً، والحق يقال، إن الحزب الشيوعي – الجبهة اتخذ وما زال موقفا وطنيا وعقلانيا سليما بما يخص وجوب المشاركة في الحراك العام إلى جانب طرح المطالب العربية الخاصة.

وكنتُ بعد أقل من مرور ثلاثة أسابيع على انطلاق الحراك في الوسط اليهودي في أواسط تموز، قد نشرت مقالاً بعنوان "إما أن نكون شعباً، ونتصرف كشعب، أو لا نكون...". جاء فيه أن البلاد تشهد حراكاً اجتماعياً احتجاجياً غير مسبوق وجديد نوعياً بطروحاته ومطالبه وبجماهيريته الواسعة وبمثابرته، وهو حراك عادل ويهمنا ولصالحنا بكل ما يطرحه من مطالب عامة. لذلك من واجبنا المشاركة به وطرح قضايانا الخاصة كأقلية قومية، بالإضافة إلى تحريك وتفعيل كل بلداتنا العربية في حراك كفاحي في ساحاتنا وساحاتهم يخص مطالب العدالة الاجتماعية الخاصة بالوسط العربي.

في ذلك المقال، أضفيت صفة "الدجاج السياسي" على المعارضين العرب للمشاركة. لماذا "الدجاج السياسي"؟ لأن الدجاج طير كثير النقنقة قليل الفعل، جبان وقاصر عن التحليق بعيداً لاستكشاف آفاق جديدة. تسيطر عليه عادة استمراء العيش في القفص، وإن خرج فلا يتعدى ساحة قريبة وضيقة يأكل منها ويبرز عليها. يدلي برأسه إلى هناك فلا يرى أبعد من قفاه. هو لا يجيد القتال، لكنه كثير الزعيق. وإذا وقعت الواقعة بين الدجاجات الأخوات نراها تشحذ مناقيرها وتنفش ريشها وتعلو مكاكاتها الرتيبة في حرب ضروس لالتقاط دودة لصالحها، بينما الثعلب... يتربص لاقتناصها معاً!

 

كفاح الأقلية القومية في ظروف الزمكانية...

الجماهير العربية في إسرائيل أقلية قومية في وطنها، وجزء لا يتجزأ من شعبها الفلسطيني وأمتها العربية. إسرائيل الصهيونية احتلت الوطن وشردت أهله الأصليين وحوّلت الأكثرية إلى أقلية، وحرمت هذه الأقلية من حقوق المواطنة المتساوية. واتبعت بحقها سياسة  تمييز قومي ومدني عنصري في كل مجالات الحياة، بما فيها الاقتلاع والتهجير والتهميش والإقصاء والإفقار والتجهيل.

واضطرت هذه الجماهير، الغصن المقطوع من الشجرة والمتروك في عقر دار الصهيونية والمنسي عربياً وفلسطينياً، لأن تخوض وحدها معركة البقاء والحق في الحياة ومن أجل المساواة. لقد قرعت "جدران الخزان" منذ اليوم الأول بعد النكبة. لم تتمتع حتى بفسحة انتظار الخلاص من ذوي القربى في الخارج. إذ أن حدة قضاياها المعيشية والوطنية، ومواجهتها اليومية مع السياسة الكولونيالية الاقتلاعية العنصرية، وتجربتها المريرة مع وعود التحرير الكلامية من الخارج، جَعَلَها لا تنتظر "الفارس الأسمر قادما على جواده الأبيض" لإنقاذها. فما من فارس أتى، وكان عليها أن تكون هي الفارس والفرس.

اختطت هذه الجماهير طريق الكفاح المدني الجماهيري والسلمي نهجاً لتحقيق أهدافها بشقيها – الكفاح من أجل السلام العادل وحق تقرير المصير والعودة لشعبها الفلسطيني، والنضال اليومي من أجل المساواة القومية والمدنية لها هي الباقية في وطنها. هذا إلى جانب ومن خلال الحفاظ على هويتها القومية والوطنية – العربية الفلسطينية.

وكان واضحاً أن كونها جزء لا يتجزأ من شعبها الفلسطيني، لا يعني بالمرة أن تنتهج أساليب وأدوات الكفاح ذاتها التي ينتهجها شعبها خارج حدود إسرائيل الـ48، فهي أقلية باقية ومحاصرة داخل وطنها. وتحكمها وتتحكم بها ليس فقط قوانين إسرائيل، وعدم تمتعها كأقلية بأي استقلال وتواصل جغرافي واقتصادي، وإنما أيضا ارتباطها المطلق بكل مقومات المعيشة في المجتمع الإسرائيلي. هي تولد وتلد في هذا المجتمع، تنمو وتتعلم وتعمل فيه، تأكل وتشرب وتلبس وتتنفس وتموت فيه. وغني عن البيان  أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في مجتمع وأن يكون حرا منه في الوقت نفسه، كما قال ماركس، وكان ابن خلدون قد سبقه إلى هذا.

لا نستعرض، أعلاه، درسا في التاريخ. وإنما نناقش الآني الحاضر لاختلاف سياسة مواقف الأحزاب الوطنية العربية في الوسط العربي من الحراك الاجتماعي الإسرائيلي. فالسياسة السليمة ليست تسجيل مواقف فقط بغض النظر عن واقعيتها. وسلامة المواقف والمطالب لا تقاس بمدى راديكاليتها، وإنما بمدى صحتها وواقعيتها وإمكانية تحقيقها ولو تدريجيا، وباستعداد الجماهير وقواها القائدة لممارستها... وذلك في ظروف الزمان والمكان. لذلك قيل إن السياسة هي فن الممكن. والممكن مرهون بالواقع التاريخي والسياسي والجغرافي والاجتماعي القائم. وإلا سيجد القائد السياسي نفسه يغرد، أو يزعق ويثرثر، في واد والجماهير في واد آخر.

كل من يستعرض برامج الأحزاب الوطنية الفاعلة بين الجماهير العربية يرى أنها رغم الاختلافات في الخصوصيات الثانوية، متفقة حول برنامج السلام العادل، وبرنامج المساواة القومية والمدنية للجماهير الفلسطينية في إسرائيل، ونهج الكفاح المدني الجماهيري الذي يجب اتباعه. يُبرز "الحزب الشيوعي- الجبهة" ضرورة الكفاح العربي اليهودي المشترك، لكنه لا يتنكر بالمرة لخصوصية قضايا العرب ولا لحق الأقلية القومية في التنظيم وبناء مؤسساتها التمثيلية. ويؤكد حزب "التجمع" على هوية  وتنظيم الأقلية العربية قوميا وعلى دولة المواطنين، لكنه  لا يتنكر للكفاح المدني الجماهيري ولا للمطالب والقضايا المعيشية للناس وللنضال المطلبي عموما، ولا حتى للتعاون العربي – اليهودي لتحقيقها –(اقرأوا برنامجه المكتوب). وحتى "الإسلامية" وخصوصا الحركة الشمالية، ورغم انشغالها بدولة الخلافة التي تشمل إسرائيل أيضا، وأصبح تحقيقها قاب قوسين أو أدنى كما يعد نائب رئيسها... تتفق مع الشيوعي ومع التجمع في الخطوط العريضة والأساسية لتحقيق السلام العادل والمساواة. تلتقي هذه التيارات الثلاثة في برنامج وعمل "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية" و "اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية".

لذلك نتساءل: على شو إذاً هذه الحرب الضروس بين التجمع والإسلامية من جهة وبين الحزب الشيوعي – الجبهة من الجهة الأخرى، بما يخص الحراك الاجتماعي ومشاركة العرب فيه، بينما الثعالب لا تكف عن الانقضاص على أقفاص الدجاج؟ لقد أصبح موقف الإسلامية متجانسا مع موقف التجمع (أو موقف هذا متجانسا معها...)، بينما المنطلقات الفكرية للشيوعي وللتجمع الديمقراطي واليساري، وكذلك برامجهما هي الأقرب للتجانس رغم بعض الاختلافات. وجميعهم، تحت نير الحكم الصهيوني، بإمكانهم التجانس.

 

خصوصية العام وعمومية الخاص

كنا قد أوردنا بالتفصيل العام –(انظر/ي المقالين الأول والثالث في هذه السلسة) – المطالب العامة للحراك الاجتماعي الاحتجاجي في إسرائيل. تلك المطالب التي بالإمكان تلخيصها تحت عنوانيْن رئيسيْن "العدالة الاجتماعية" و "دولة الرفاه الاجتماعي". وفصّل قادة الحراك هذين العنوانين في "وثيقة المبادئ لسياسة اقتصادية اجتماعية" التي أصدروها وضمنوها عشرات المطالب العينية، ثم ألحقوها بوثائق – مطالب بلورتها طواقم فرعية للحراك تخص مجالات محددة.

ورَدَ في المطالب العامة والتفصيلية: رفع سقف الميزانية وإعادة بنائها كميزانية اجتماعية وتغيير سلم أولوياتها لصالح الرفاه الاجتماعي. والحد من انفلات اقتصاد السوق وتعميمه على الخدمات الاجتماعية، وتخفيض أسعار السلع والخدمات بما فيها أسعار المياه والوقود والكهرباء والاتصالات والمواصلات. وزيادة الصرف والدعم لخدمات التعليم والصحة والإسكان والرفاه الاجتماعي، وكذلك لمخصصات رسوم البطالة والشيخوخة. ورفع الحد الأدنى للأجور وإلغاء التشغيل عن طريق شركات القوى العاملة، ورفع الضرائب على الأغنياء وتخفيضها عن الفقراء، وتخصيص الميزانيات الكافية لتطوير الأطراف والمناطق المهمشة، وسد الفجوات في اتساع البطالة والفقر ووفاة الاطفال وانتشار الأمراض ومعدل العمر والتحصيل العلمي... بينها وبين المركز. وكل ذلك بهدف "بناء مجتمع أكثر عدلاً ومساواة وتسامحاً" و "يعتمد مبادئ الحريات السياسية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والتضامن المدني بين مجمل مواطني الدولة" (اي ليس بين يهودها فقط!).

صحيح أن الوثائق والمطالب العامة لم تتضمن مطالب خاصة وعينية تخص المواطنين العرب بصفتهم عربا يعانون من سياسة التمييز العنصري. وهي أصلا لم تتضمن أية مطالب خاصة لأية فئة سكانية إثنية أو طائفية. وهنالك إشارة جاءت في وثيقة المبادئ نصت بوضوح على أن الوثيقة (والمطالب) "تركز أولاً وأخيراً على مجمل مواطني الدولة وعلى مطالب المواطن الفرد". وعلى أن "هذا لا يعني تجاهل الاحتياجات ذات الخصوصية للمجموعات المختلفة في المجتمع". و"يعي واضعو هذه الوثيقة حقيقة الإهمال الذي تعاني منه أوساط مختلفة بدرجات مختلفة، بل ووجود تمييز. لكن جوهر هذه الوثيقة هو العدالة التوزيعية دون تجاهل الحاجة للعدالة المصححة".

وتضمنت وثائق-أوراق الطواقم الفرعية تفاصيل أوضح وأكثر خصوصية. جاء مثلاً في ورقة طاقم "الأرض والمسكن" ضرورة " تخصيص أراض يما يتلائم مع احتياجات تطوير بلدات الضواحي والبلدات العربية" و "الاعتراف بالبلدات العربية غير المعترف بها" (هذا في الوقت التي تنشغل فيه وزارات الحكومة بإقرار تنفيذ مخطط برافر لإزالة تلك القرى). وجاء في ورقة "طاقم التشغيل": "يجب استثمار موارد خاصة للدمج المتساوي للفئات الأكثر إقصاءً عن سوق العمل في إسرائيل، وبضمنهم العمال العرب وخصوصاً النساء العربيات".

لستُ محامياً عن قادة الحراك وعن وثائقهم وأوراق طواقمهم، وإنما عن شعبي وحقوقه ووعيه أدافع وباسمه أنطق وأكتب. وبربكم يا عقلاء... قولوا لي أين الصهيونية والإقصاء والتهميش والتمييز في المطالب التي فصلناها أعلاه؟ إنها المطالب نفسها المطروحة على أجندة حراك الجماهير في دول العالم المتطورة، والتي أفرزتها الأزمة الاقتصادية المالية التي تعصف بدول الأمريكيتين والدول الأوروبية. ثم هي مطالب تخص المواطنين العرب رغم عموميتها وتتقاطع مع مصالحهم الخاصة (حتى إذا تجاهلنا مطالب الطواقم الخاصة). وذلك لأنهم الفئة السكانية الإثنية الأحوج للعدالة الاجتماعية ولدولة الرفاه. فهم الأكثر تضرراً من هذه الرأسمالية الخنزيرية المنفلتة، والأكثر معاناة بسبب التمييز القومي وعدم المساواة بين المواطنيين، والأكثر بطالة وفقراً ومرضاً وتدنياً في التحصيل العلمي، وحاجة لتخفيض أسعار السلع والخدمات...إلخ.

وكان استطلاع للرأي، نشرته  صحيفة "يديعوت أحرونوت" في الثامن من الشهر الحالي، قد بيّن أن 85% من العرب في البلاد يؤيدون الحراك الاجتماعي (مقابل 75% بين اليهود). هذا  يؤكد ما ذهبنا إليه من أن بعض القيادات السياسية العربية تعيش في واد بينما الشعب في واد آخر.

 

اتفق العرب على ألاّ يتفقوا...

لم يُبق معارضو المشاركة على حجّة "تبرر" معارضتهم إلا وأتوا بها، ولم يتبق من جواب مقنع يدحض حججهم إلا وقيل. لكن "حوار الحجج" هذا كان أشبه بحوار الطرشان. لأن المعارضين تخندقوا في أقفاصهم وآثروا تسعير الخلاف الحزبي الفئوي والطعن بوطنية الآخر على وحدة الموقف الوطني السليم. إليكم بعض الأمثلة على هذا:

  • يقول المعارضون: هنالك خصوصية لقضايا العرب بصفتهم أقلية قومية تعاني من سياسة التمييز القومي والمدني، ولسنا لونا من ألوان الطيف الإسرائيلي. فالعراقيب ليست تل أبيب، ولا تجوز المساواة بين الضحية والجاني ولا شطب الفوارق بين المحتجين في خيام الحراك في تل أبيب وشعب الخيام. فربيع تل أبيب هو خريفنا. ومن العار تغليب الطبقي على القومي، ولسنا حركة نقابية تطالب بتحسين مستوى الحياة وإنما شعب يطالب بحق الحياة. لذلك مرفوض هذا الانبهار والتذيل والتماهي السياسي إلى حد الاندماج بالحراك الإسرائيلي، والمطلوب خوض نضال جماهيري خاص بالعرب يطرح خصوصية قضاياهم.
  • يَرُد دعاة المشاركة:  نوافقكم على حججكم، بل نحن نطرحها ونرددها أيضاً. لكن من غير الصحيح والمفيد أن نطرح المسألة في إطار ميكانيكية "إما...أو"، وإنما في إطار جدليتهما وعدم التناقض العدائي بينهما. بمعنى أن نشارك في النضال العام العادل الذي هو لصالحنا بصفتنا مواطنين في هذه الدولة، ونخوض في الوقت نفسه نضالنا الخاص طارحين  خصوصية مطالبنا في بلداتنا العربية، وننقل أجندته إلى الحراك العام طارحين التحدي بأن العدالة لا تتجزأ. أي نتصرف كشعب وكمواطنين حتى نحقق حقوقنا كمواطنين وكشعب. ثم لا أحد "انبهر وأذاب الفروق وتماهى سياسيا وتذيل واندمج" و"غلـّب الطبقي والنقابي على القومي". لكننا ندعو للمشاركة بصفتنا أصحاب حق بالمساواة ولا أقل منها – قوميا ومدنيا. وكل مكسب طبقي – نقابي- مدني نحققه يعزز من بقائنا ويرفع من معنوياتنا ومن سقف تطلعاتنا نحو تحقيق العدالة المنشودة.
  • يقول دعاة المقاطعة: يجري الحراك العام تحت المظلة الصهيونية. فهؤلاء صهاينة احتلوا أرضنا واستوطنوها. هم يريدون حل قضاياهم على حسابنا، ويطالبون بتخفيض أسعار البيوت التي بنوها على أرضنا المصادرة. وسيجري حل ضائقة الإسكان على أساس بناء المزيد من المستوطنات في المناطق المحتلة في حزيران 1967 والمزيد من تهويد الجليل والنقب. ثم يغيب عن مطالب الحراك الطرح السياسي العام لحل القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي حلاًّ عادلاً. والمشاركون في الحراك خريجو الجيش الذي يقتل شعبنا، وسيلبون نداء الجندية والمهمات الأمنية وينسون الحراك الاحتجاجي عند حدوث أي توتر أمني جديد...
  • يرد دعاة المشاركة: المطالب التي تتضمنها "وثيقة المبادئ" للحراك وأوراق طواقمه الفرعية التخصصية... هي مطالب عدالة اجتماعية ومدنية عامة ولا تخص مبادئ وجوهر الصهيونية (استعرضناها سابقا). وفي سبيلها ناضلنا سابقا ونواصل النضال اليوم، لأنها تخصنا أيضاً ولصالحنا. وهذا ما يقوم به كل عربي في البلاد بمن فيهم هؤلاء الحزبيون المعارضون، في مكان تعليمه وعمله وسكناه دون أن يسأل الآخر اليهودي الذي يشاركه النضال، إن كان صهيونياً من ناحية سياسية فكرية أو خريج الجندية ( التجنيد في إسرائيل إلزامي وعام أصلاً).

ثم لا أحد في الحراك يطالب بحلّ أزمة الإسكان على حساب العرب وأراضيهم. قادة الحراك يطالبون بحل الأزمة وتخفيض أسعار الدور وبناء المساكن الشعبية في بلداتهم ومدنهم وليس في المناطق المحتلة وعلى حساب البلدات العربية في الجليل والمثلث. ويطالبون بالاعتراف بالقرى العربية غير المعترف بها وتخصيص أراضٍ وموارد للمناطق المهمشة – والمناطق العربية هي الأكثر تهميشا. ثم لا أحد يمنع العرب من طرح مطالبهم الخاصة بخصوص الأرض والإسكان وخوض نضالات لتحقيقها. لكن أمرنا عجيب: لا نشارك في العام ولا نقيم الدنيا ولا نقعدها من أجل الخاص. ودعاة المشاركة في النضال العام كانوا الأكثر نشاطا وفاعلية في تنظيم النشاط الخاص للعرب. ثم إذا أرادت الحكومة حل مشكلة الإسكان على حسابنا، نتصدى لهذا. والمطلوب منا المشاركة في النضال العام لأنه لصالحنا كمواطنين وكعرب، لا المشاركة في حلول مجحفة قد تطرحها الحكومة.

ونعم الحراك هو حراك اجتماعي- اقتصادي، وليس حركة احتجاج ضد الاحتلال ومن أجل السلام العادل. لكن ما الخطأ والضرر في هذا؟ كل نضالات العرب في البلاد من  أجل المساواة وتحصيل الخدمات وحق المسكن والتعليم والعمل المتساوي... ليست نضالات ضد الاحتلال ومن أجل حق تقرير المصير لشعبهم الفلسطيني، ولا تمنع خوضها أو تحد منها. وغني عن البيان أنه توجد جدلية بين الاقتصادي والسياسي تحتوي على نواة إمكانية تطوير النضال الاجتماعي المطلبي إلى نضال سياسي (انظر/ي المقال الثالث السابق في هذه السلسلة). ثم لا أحد يمنع العرب أو اليهود المشاركين في الحراك الاجتماعي من طرح قضايا السلام العادل وإزالة المستوطنات كعامل ضروري لتحقيق العدالة السياسية العامة، وكعامل في الوقت نفسه لتوجيه الموارد المالية لصالح العدالة الاجتماعية ومطالبها. والضائقة الاقتصادية الاجتماعية ليست بالضرورة نتيجة احتلال واستيطان وحروب (فقد يكون هذا مربحاً للدولة التي تحتل...)، وهي ضائقة عامة في دول أوروبية وأمريكية لا تحتل ولا تستوطن بلداً آخر.

ويبقى الأكثر بؤساً وتسخيفا هو دمغ الحراك بالطابع الأمني وبسجوده لبقرة الأمن المقدسة. بينما الجديد والخاص في هذا الحراك بالذات، ولأول مرة في تاريخ إسرائيل، هو طرحه لشعار "الأمن الاجتماعي أولاً" ولخوضه النضال والاستمرار فيه في ظل التوترات الأمنية التي شهدتها إسرائيل منذ شهر تموز حتى اليوم –(انظر/ي المقالين الأول والثالث من هذه السلسلة).

  • يقول بعض الدعاة الراديكاليين للمقاطعة: لا يمكن أن نكون جزءا من المجتمع الإسرائيلي ومن حراكه الاحتجاجي. فالعلاقة بيننا هي علاقة وجود ونفي، علاقة صراع بين نقيضين- نحن وهم. وحل هذا الصراع يكون بالنفي فإما وجودنا أو وجودهم. ولا تكمن المشكلة في سياسة حكومات دولة إسرائيل، بل في وجود الدولة أساساً ككيان استعماري. ومشاركتنا في الحراك ضرب من خداع الذات، ومن واجبنا النضال في إطار فضاء وطني لإعادة إنتاج الوجود كقطب في صراع النفي.

 

لا يمكن إجراء نقاش علمي وموضوعي وعاقل مع أصحاب هكذا مواقف راديكالية كلامياً وشعاراتياً، لا فعلاً وممارسةً. لكن، والحق يقال، حجة هؤلاء لعدم المشاركة هي الحجة الوحيدة التي "تبرر" عدم المشاركة، وإن كانت تقوم عل موقف باطل خاطىء. هذا موقف "مشلّح" لا "مسلح". ولا يتسلّح أصحابه إلا "بالجملة الثورية" لتغطية عَوْرَة القصور عن الفعل، وانسلاخهم عن الزمان والمكان وعن شعبهم. لكنهم "مبدئيون" و "منطقيون" و"طاهرون". ومن الطبيعي أن يرفض أمثال هؤلاء المشاركة في "سخافة ووحل" حراك اجتماعي مطلبي. يفهم شعبنا موقفهم، دون أن يتفه أو يوافقهم عليه، لأنه يريد أن يعيش لا أن تقتله الأوهام.

أما رافضي المشاركة والطاعنين بها عن زائد في "القومية" أو في "الإسلام"، رغم تكرارهم بأنهم لا يترفعون عن النضال المطلبي الاجتماعي وعن محاربة سياسة التمييز القومي والمدني... والذين يتخذون النضال الجماهيري المدني والسلمي أداة ووسيلة لكفاحهم، ومنهم من يعتمد "دولة المواطنين" وتحويل إسرائيل إلى دولة جميع مواطنيها برنامجا له... فلا يمكن فهم أو تفهم أو شرعنة مصداقية موقفهم من الحراك الاجتماعي. إذ أن هذا رقص في عرسين في الوقت نفسه، وقول الأمر وفعل عكسه، أو ممارسة الفعل والتنظير لعكسه. هذا ما جنته على شعبنا الفئوية الحزبية والرغبة بالبروز والتميـّز ولو على... خازوق، وعلى حساب الوحدة الوطنية.

وهذا ما جعل الحوار بيننا أشبه بالخوار. إذ يطرح البعض "حواره" –حجَجَه- مشوّها موقف الآخر ودون استعداد لسماعه. وكأن الحوار لعبة "بينج بونج"، وما من هدف له إلا إلقاء "الطابة" في ملعب الآخر ومسح "اللاعب" المقابل بالأرض. مع أن الملعب ملعبنا، وكل اللاعبين فيه هم نحن، الجماعة القومية. لذلك كانت النتيجة من حواراتنا، آسف خواراتنا، تعميق خلافاتنا. لقد اتفق  العرب، حتى في عقر دار الصهيونية، كما في العالم العربي، على ألاّ يتفقوا...

بالمقابل، يكتب المنظر والمؤسس لحزب "التجمع" د.عزمي بشارة  دراسة، في أواسط آب، صادرة عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في قطر، بعنوان: "دوافع وآفاق حركة الاحتجاج في إسرائيل"، تنضح بالعقلانية وبالتحليل السليم، معتبراً إياها حركة احتجاجية هامة وتشكل تحدياً هاما لليمين المتطرف- الليكودي والاستيطاني والأصولي الديني والليبرماني. وغني عن البيان أي سلوك من المفضل أن يتبعه عرب البلاد بناء على هذه الدراسة واستنتاجاتها. لكن كما يظهر، فإن بشارة في قطر أكثر حكمة وواقعية وبعد رؤيا من قيادة حزبه في البلاد. وإسلاميو الغنوشي في تونس، وحتى الإسلاميين في مصر، أكثر واقعية وارتباطا بحاجات ونبض شعوبهم من ارتباط أشباههم بشعبنا واحتياجاته هنا.

  

 

بؤس الفلسفة الفئوية لحزبية القبائل وقبلية الأحزاب

لم تعزل نفسها بنفسها أية أقلية قومية ووطنية أو إثنية وحتى دينية أو طائفية، عن حراك عام عادل للأغلبية، خصوصاً إن كان في صالحها الخاص أيضاً. لم تفعل هذا حتى الأغلبية السوداء في جنوب أفريقيا في ظل نظام الاستيطان الكونيالي والابرتهايد. السلطة الحاكمة الظالمة والعنصرية هي المعنية بعزل الأقلية وتقوقعها. والمأساة- الملهاة أن بعضنا يفلسف هذا الانعزال والتقوقع وينظـّر له أيدولوجيا. تطربه "طهارة خطاب المحقين"، بينما شعبه يتعطش لفعل الفاعلين المحقين خطابا وممارسة.

نحن أمام مفارقة غربية عجيبة: السلطة الصهيونية الكولونيالية والعنصرية تصادر وتغيّب مواطنة أهل البلاد الأصليين من العرب وحقهم في المساواة القومية والمدنية- الجماعية والفردية، وينشط بعضنا في تغييب الذات العربية مع أنه ينظـّر للمواطنة وللمساواة. أي أنه يطرح المواطنة لكنه يتهرب من مستحقاتها، ومن كونها عملية ديناميكية طويلة وتمرّ عبر عشرات استلالات المكاسب المدنية اليومية وصولاً إلى الحل النهائي الأمثل – إلغاء صهيونية الدولة وكونها دولة يهودها، وتغيير مجمل المكانة السياسية والقانونية للعرب الفلسطينيين في البلاد.

وحين يركز البعض على القومي العام دون المدني ويقوم بالتنكر والإغفال والإهمال لضائقات اليومي لشعبه، لا يعزل سياسة السلطة العنصرية... وإنما يعزل نفسه عن شعبه واحتياجاته. ولا أعرف كيف يستوي هذا مع "تعليم" و "ترشيد" هؤلاء للحكام العرب وللأحزاب الوطنية في العالم العربي بأن التغني بالخطاب القومي إلى جانب التنكر لاحتياجات المواطنين المعيشية يقود إلى خسارة الأمرين- تحقيق الخطاب القومي وثقة المواطنين بهم. وكان الأجدى بهؤلاء "الأساتذة" أن ينظروا إلى مرآة أنفسهم علهم يتعلموا قبل أن يُعلـّموا...

لستُ شيوعياً ولا جبهوياً، ولا أنوي العودة إلى صفوف عضويتهم. وكنت قد تركتها، أثر إعادة نظر فكرية لي بالماركسية اللينينية بالتنظيم الشيوعي- اللينيني، منذ سنة 1988. ولا أقصد بكلامي أعلاه وأدناه... الدفاع عنهم –(مع أنهم يستحقون الدفاع بجدارة بخصوص موقفهم من الحراك)- وإنما عن شعبي أدافع. لذا لا أستطيع السكوت، قوميا ومدنيا وسياسيا وأخلاقيا، عن التزوير "القومي- الإسلامي" لمواقفهم إزاء الحراك، والذي وصل حد التخوين لتجربة تاريخ شعب بأكمله. وأصرّ على كلمة تزوير ومع سبق الإصرار والترصد، إذ أن نقدهم يخلو من مناقشة حجة الآخرين وينضح بتقويلهم ما لم يقولوه حتى يسهل التهجم والطعن المنفلت بهم.

ولشأن بحث وتوضيح هذا الأمر عدت إلى بيانات ومقالات ومقابلات وتصريحات الهيئات القيادية المخولة للشيوعيين وللجبهويين في صحيفتهم "الإتحاد" وفي شتى وسائل الإعلام الصادرة في البلاد، على مدى الأشهر الأربعة الماضية منذ انطلاق الحراك.

إليكم ما وجدته، وها أنا أنقل بعض بعضه حرفياً:

"علينا المشاركة في الاحتجاج... لا نذهب إلى هناك كأتباع أذلاء، بل كأصحاب حق وكأسياد نستحق". و "هذة الاحتجاجات لن تقود إلى عملية تغيير عميقة المدى بالفكر والموقف السياسي الذي تحمله الأغلبية اليهودية لكن نحن جزء من المشكلة ونريد أن نكون جزءاً من الحل وأن نقوم بزعزعة الثوابت والتابوهات لدى الأكثرية، في عملية تراكمية نعرف أن وقتها سيطول". و "هنالك قوى تريد اقتناص هذا الحراك وإضعافه (المقصود السلطة الحاكمة واليمين اليهودي)...وإضعاف وعزل قيادات يسارية (يهودية) فيه، ومن واجبنا تثبيت مواقف اليسار". و "لا أحد يستطيع منافستنا بأن وضعنا هو الأسوأ (اقتصاديا واجتماعيا). ونحن نملك الموقف السياسي الواضح من سياسة وميزانيات الأمن والاحتلال والاستيطان والتمييز... ومطلبنا أن تكون إسرائيل دولة لمواطنيها، لذلك لا نقبل أن تكون دولة اليهود وأن لا يكون دخل لنا بما يجري فيها". و" المعركة من أجل القضايا الاجتماعية لا تنفصل عن المعركة من أجل القضايا السياسية... وظروف المرحلة المعقدة تلزمنا بالتواجد في كل الحلبات حتى لو لم يكن طابعها المعلن يتوافق مع رؤيتنا وطروحاتنا". و "واجبنا المشاركة في القضايا العامة، وطرح القضايا الخاصة بالعرب وتنظيم نضالات بشأنها ونقل المعركة لداخل قرانا... نذهب للنضال العام بما نحمله من مواقف تعبّر عن خصوصية جماهيرنا العربية، دون أن نذوب في أجندات إسرائيلية تتعارض مع مبادئنا وبرنامجنا السياسي". و "لماذا إذا شاركنا في حراك لتخفيض ميزانية الأمن لصالح الرفاه الاجتماعي نكون قد تأسرلنا؟ نحن لا نغفل أن قضيتنا تختلف عن قضية الصهيوني. وبعد 63 عاما من النضال لم يعد بالإمكان تغيير هويتنا العربية الفلسطينية. نريد أن يحصل التغيير الاجتماعي لأنه يعنينا ونريد أن نؤثر عليه، وإلا هل نطلب التغيير من أنفسنا؟". و" نناضل مع حركة الاحتجاج ونؤكد على خصوصية قضايا العرب، ومن يناضل من أجل القضايا العامة ويتناسى الخصوصية مصاب بالعدمية القومية". ونريد "تضافر جهود الجماهير العربية مع القوى الديمقراطية اليهودية لانتزاع مطالبنا الخاصة والعامة".

نكتفي بهذا النزر اليسير من الاستشهادات المغروفة من بحر أمثالها، لنلخص:

 لقد فوّتت الجماهير الفلسطينية العربية في البلاد الفرصة، في ظروف مواتية جدا ومناسبة من ناحية القاعدة الجماهيرية اليهودية والإعلامية العامة في البلاد ومن استعداد وجاهزية العرب، للإلقاء بوزنها الثقيل والضاغط بصفتها تشكل 20% من مواطني البلاد، لصالح العدالة الاجتماعية. وكذلك فرصة طرح قضاياها الخاصة كأقلية قومية وتصعيد نضالها الخاص بشأنها وطرحه على الأجندة العامة، وربط الأجندة الاجتماعية بالسياسة العامة.

حدث هذا بسبب بؤس فلسفة بعض الأطر الحزبية التي آثرت قبليتها الحزبية وحزبية قبائلها والأحقاد والضغائن الفئوية وحتى النرجسية، عداك عن تسييس وتحزيب الدين، على المصلحة الوطنية كشعب، وترسيخ مواطنته واستلال مستحقاتها. ومهما حاول المراقب الموضوعي أن يبحث من خلال عدسات التكبير عن الفروق المتناقضة عدائيا والعصية على التجسير بين مواقف الأحزاب والتيارات المركزية الثلاثة –( الشيوعي والقومي والإسلامي)- من الحراك، لن يجد فرقاً نقيضاً يستوجب هذا اللاحوار والسلوك العدائي.

لقد "نجحنا" في تحويل المعركة من معركة ضد الحكومة وسياستها الاقتصادية الاجتماعية وسياستها العامة أيضاً، إلى معركة ضد حركة احتجاج جديدة نوعياً في إسرائيل وعادلة بهدف تسخيفها، وإلى "حرب أهلية" في ما بيننا على حساب معركتنا الوطنية الجامعة ضد سياسة الحكومة الصهيونية العنصرية التي تشن معركتها على شعبنا وضدنا معا.

فعلت هذا ليس قبائل داحس والغبراء قبل ما يقارب الألفي عام، بل بؤس الفلسفة "لفلاسفة" عصريين بائسين اغتصبوا الدين وشوّهوا الموقف القومي وديمقراطيته، بدلاً من أن يساهموا في جمع كل مجتمعنا السياسي في نضال جماعي يعمل على إنقاذنا من واقع بائس.

على هذا لن يسكت ولن يسامح شعبنا. ولا أستبعد أن يكون حراكه القادم حراكا لشبابه ضد أحزاب وطنية نفرّته من السياسة والفعالية الاجتماعية الوطنية. وكان الحراك الاجتماعي فرصة ذهبية لتلك الأحزاب لإعادة ارتباطها بالقضايا اليومية لشعبها ولثقة الناس بها... ولتصحيح أخطائها إزاء بعضها البعض، ولتفضيل الوطنية على الحزبية الضيقة.

وحين يقرر 85% من أبناء شعبنا أنهم يؤيدون الحراك، بينما تتأتئ بعض قياداته بشأنه وبشأن المشاركة فيه، لا يسعنا إلا أن نقول طوبى لهكذا شعب تخطـّى بعض قياداته حكمة ووعيا سياسيا. فإما أن تتعلم هذه القيادة من شعبها وتلحق به... وإما يصيبها ما أصاب أمثالها من أحزاب وطنية في ربيع العالم العربي، تخطاها شباب ميدان التحرير عندما عجزت هي عن تخطي شابلوناتها وأقفاصها الفكرية والفئوية والتنظيمية الخانقة والمعطوبة. 

654
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

جاري التحميل