كلمات من ذاكرة سجين الشاعرة دارين طاطور

كَلِمـاتٌ مِنْ ذاكِرَةِ سَجين

{ شَرَفُ الْاِهْداء..
إِلى كُلَّ مَنْ عانَدَ ظَلامَ الْأَسْرِ وَتَـحَدَّى الظُّلْمَ.. إِلى كُلِّ مَنْ وَقَفَ يَوْمًا مِنْ خَلْفِ نافِذَةِ السِّجْنِ يُناظِرُ اللِّقاءَ مَعَ الشَّمْسِ وَالْـحُرِّيَّةِ.. أُهْديهِ حُروفـي.. }

وَحْدي فـي الْقارِعَهْ..
مِنْ قَلْبِ السِّجْنِ الْأَكْبَرِ..
أَخوضُ الْعَتْمَةَ وَالنَّارَ..
شَرِبْتُ الْـمَراراتِ..
بِلا مَرارَهْ..

فـي قَديمِ الزَّمانِ كانَ مَـخْفَرٌ..!
بِحِضْنِ الشَّمْسِ وَلَيْلِ الرَّعْدِ..

فـي الْاِصْطَبْلِ..
حَيْثُ السُّجَناءُ مِئاتٌ بِذُنوبٍ شَتِّى..
مِنْهُمْ مَنْ شَمَّ الْوَرْدَ..!
مَنْ صَلَّى الْـخَمْسَ..!
مَنْ لَطَمَ الْأَفْعى بِالشَّمْسِ..!
أَوْ لاحَقَ لِصًّا بِعَصًا..
مَنْ قامَ يُغَنِّي لِلْإِيمـانِ..
مَنْ غَنَّى الْـحُبَّ قَصيدَهْ..
مَنْ خَدَشَ الْقُضْبانَ بِظُفْرٍ..
وَدافَعَ عَنْ وَطَنٍ وَقَضِيَّهْ..

هٰذا السِّجْنُ لِـمَنْ لَـمْ يُذْنِبْ..
اَلْقاضي جانٍ..
وَاللِّصُّ يُفَتِّشُ جَيْبَ الْـمَسْروقْ..
قَدْ يَسْرِقُ مِنْهُ الْبَصَمـاتِ..
وَبَريقَ الْعَيْنَيْنْ..
قَدْ يَسْرِقُ عَرَقَ الْـجَبينْ..
وَمِنْ خَدَّيْهِ اللَّوْنْ..
مَسْروقٌ.. مَسْجونٌ بِالذَّنْبْ..!!
مُلْقًى فـي زَنْزانَهْ..
يَـجْتَرُّ الْأَحْزانَ..
وَيَمْضُغُ جوعَ الْأَحْشاءْ..
يَشْرَبُ مِنْ ساعاتِ الصَّمْتْ..
يَرْتَوي مِنَ الدَّمْعْ..

آهٍ يا سوقَ السُّجَناءِ..
تَبيعُ الْعَزْمَ..
تَبيعُ صُمودَ الْأَحْرارْ..
وَالدَّاخِلُ مِنْ بابِ الْاِسْطَبْلْ..
يَـحْتارْ..
أَيَضْرِبُ هٰذا أَمْ ذاكْ..؟
وَالْكُلُّ فـي الْـهَمِّ سَواءْ

أَهْلًا.. بِالْأَبْطالِ..
بِمَنْ صانوا وَجْدَ الشَّمْسْ..
وَبِمَنْ قالَ لِكِلابِ السُّلْطانْ..
لَنْ نَيْأَسْ..
أَهْلًا بِمَنْ صَرَخَ بِوَجْهِ الْأَوْباشْ..
بِالسَّوْطِ لَنْ نُقْهَرْ..
سَنَعيشُ الْقَهْرْ..
وَنُطيقُ الذُّلَّ.. نُحَقِّقُ عِزًّا..
نَرْسُمُ مَـجْدًا.. لَنْ نَرْكَعْ..

ديوان الغزو الأخير - 2010
دارين طاطور
الناصرة فلسطين