مشاركة فيديوهات ومقالات بالعربية

الجنة الموعودة وجهنم الحمراء – درس من التاريخ - عطاالله منصور

5.00 - (1 تقييمات)
نشرت
957
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

الجنة الموعودة  وجهنم الحمراء – درس من التاريخ - عطاالله منصور

حين رأيت وزير خارجية روسيا سرجي ليفروف وهو رئيس مخابرا ت دولته في دمشق، وحين رأيت ابناء شعبنا العربي يهتفون بحياة فلادمير بوتين، تذكرت اكبر فضائح التاريخ في القرن ال-20.

واقصد بهذا بفضيحة اكبر زعماء روسيا في القرن الماضي – يوسف ستالين- الذي جكم الاتحاد السوفياتي والحركة الشيوعية في العالم خلال اطول مدة حكم  لهذه الدولة العظمى، اذ امتد حكمه من وفاة لينين في 1924 وحكم وحيدا قرابة 30 عاما حتى موته في آذار 1953. وفي اخطر الظروف التي واجها الأتحاد السوفياتي طيلة الحرب العالمية الثانية 1939-1945، وضمن اوسع حدود لتلك الامبراطورية الواسعة الاطراف والتي وصلت  الى اكثر من نصف اوروبا (ونصف اراضي المانيا) وقرابة نصف الشعب الفرنسي (الذي كان يصوت للحزب الشيوعي الفرنسي بقيادة الرفيق جاك ديكلو).

  وكادت هذه الامبراطية المترامية الاطراف ان تحقق حلم قياصرة روسيا بالوصول الى  مياه  البحر المتوسط  الدافئة – وكانت مصدر الهام لمئات الملايين من الفقراء والمضطهدين في مختلف دول العالم وفي نفس الوقت مصدرا للهلع والخوف في اوسع الاوساط في كافة قارات العالم كله.

وقبل حدوث هذه الفضيحة الرهيبة كان الكثير من مواطني روسيا يهربون منها الى الغرب ويكتبون عن الظلم السائد في اوطانهم، ولكن "الرفاق" في كافة اقطار العالم لم يعدموا الحيلة في الرد على هذا الأدب المعادي للشيوعية، لأن هؤلاء الكتاب "يحملون آراء رجعية" وينحدرون من خلفية "اقطاعية" او أنهم وقعوا ضحية لرجال دين من الرجعيين الذين يعملون في خدمة المخابرات الاميركية .. الخ الخ الخ.

 وكانت هذه التهم تلصق بكل من تلوح حوله الشكوك بكرم يثيرالغيرة من هذه المخابرات التي نجحت في استخدام وزراء الاتحاد السوفياتي ومدراء المخابرات وكبار رجال الدين – الذين تعرضوا لشكوك وشبهات لا علاقة لها بواقع اوحقيقة. ورغم كل هذا كان الرفاق في كل مدينة في العالم يتعرضون للاعتقال والتعذيب ورغم ذلك يصرون على حفلات الطرب على طريقتهم الخاصة - ولا ينفكون عن الهتاف: ستالين... ستالين.

كيف حدث هذا؟  كانت ابواب الاتحاد السوفياتي مغلقه امام الزوار الا اذا كانوا من اعضاء الحزب ومعهم توصية من الحزب وكان هؤلاء – عادة – ممن صدقوا بأن روسيا كانت صحراء قاحلة وان شعبها كان جائعا حتى ثورة اكتوبر 1917، وان الحزب الشيوعي حوّلها الى جنة لابناء طبقة العمال والتعايش السعيد بين كافة الشعوب، وهي أكبر وأهم  دول العالم!

  وفي مطلع 1939 راحت غيوم الحرب تتكدس في سماء اوروبا المكفهرة  نتيجة تحركات الفيهرر الالماني ادولف هتلر الذي كان يطمح لانشاء الرايخ الثالث على اوسع رقعة من العالم – "كما يليق بالعنصر الآري المتفوق على كافة شعوب العالم". وقبل اعلان الحرب العالمية راح  هتلر يضغط على جيرانه لضم الدول (النمسا) والاقليات الالمانية في الدول المجاورة (مثل الالزاس واللورين في فرنسا، والسوديت في تشيكوسلوفاكيا، وفي اواخر ايلول  1938 تم له ما اراد في المرحلة الاولى  لضعف بريطانيا وفرنسا.

ولضمان سكوت ستالين  قام هتلر بتقديم الرشوة لروسيا بأن وقع على اتفاقية تجارية أولا والحقها فيما بعد باتفاقية سياسية نصت على اقتسام بولونيا بين المانيا والاتحاد السوفياتي (واقتطاع قسم من رومانيا لصالح روسيا). كل هذا والاتحاد السوفياتي يصرعلى انه "نصير الشعوب".....

والحقيقة هي ان ستالين هو من عجّل في نشوب الحرب العالمية الثانية. ان سياسته هي  التي اوهمت السفاح الالماني بانه سيحتل العالم كله وبضمنه الاتحاد السوفياتي. تلك الحرب التي شهدت دمار ملايين البيوت ومصرع عشرات الملايين من كافة قارات العالم والشعوب، وهي الحرب الاكثر بشاعة من كل ما شهد العالم في تاريخه.

ان سياسة الاتحاد السوفياتي والحرب كشفت للعالم حقيقة النظام الذي اقامه ستالين وفضحت الحقيقة التي اصبحت بديهية البديهيات في عالمنا بعد الحرب العالمية الثانية وهي ان الشفافية وحرية التعبير والتنظيم السياسي هي القاعدة الاولى للتعرف على قيام الدولة الفاضلة، وان انعدام حرية التعبير يحول الجنة الموعودة الى جهنم الحمراء، وان مجرد اطلاق الكلام والتصريحات من قبل الحكام لا يعبر عن حقيقتهم الا يوم يسمحون للمواطن ان يذكرّهم بما وعدوا عشية الانتخابات الحرة!

 

 

957
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

جاري التحميل